المحاولة والفشل (حرب اليمن)
حسن ملاط
بعد تسلم الملك سلمان الحكم في السعودية، قام الملك
الجديد بخطوات ثورية من أجل توريث السلطة في المملكة إلى أحفاد الملك عبد العزيز.
وقد أعطى ولاية العهد لمحمد بن نايف وزير الداخلية القوي الحائز على ثقة الإدارة
الأميركية وحلفائها. فالأمير محمد تمكن من القضاء على تنظيم القاعدة في السعودية
وكان عدواً شرساً لها. وقد قام الأمير في عهد الملك عبد الله بزيارة إلى الولايات
المتحدة حيث قابل مختلف المسؤولين وعلى رأسهم الرئيس أوباما ونال بركتهم، على أن
يكون قائد المملكة القادم. كما وتعرف على رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي
ونال بركتهما أيضاً.
ما تقدم هو ما منع الحاكم الجديد من تجاوز محمد بن نايف
وتسميته ولياً للعهد وتسمية ابنه محمد بن سلمان ولياً لولي العهد.
ولي ولي العهد لم يضيع وقته أبداً. فقد بدأ منذ تسلم
والده الحكم إلى ترتيب أوضاعه بإمساكه بالكثير من مفاصل الحكم الرئيسية، وخاصة ما
يتعلق بالمال والسلاح.
فتح معركة اليمن، الخاصرة الجنوبية الضعيفة للمملكة،
معتقداً أن بإمكانه أن يربح الحرب بسرعة كبيرة بما يتيح له أن يلمع صورته كحام
للبلاد من الهجمة "الإيرانية الشيعية". من أجل ذلك ضم الحرس الوطني
للقوات المسلحة. والحرس الوطني هو جهاز عسكري مستقل عن الجيش بناه الملك عبد الله
منذ أمد بعيد مما أتاح له تسلم العرش. ثم أورثه لإبنه متعب. ولكن الأخير رضخ
لرغبات ولي ولي العهد وسلمه زمام قياد الحرس الوطني. وبذلك أصبح أولاد عبد الله من
دون قوة تحميهم. كما وأن الأجهزة العسكرية التي أصبحت تحت إمرة محمد بن سلمان قد
تضاعفت.
ولكن قوات وزارة الداخلية على قدر كبير من القوة ومن
النشاط بحيث لا يمكن لأي أحد أن يصادرها، حتى بحجة الحرب الخارجية. لذلك ظل محمد
بن نايف عقبة أمام ابن سلمان لا يمكنه تجاوزها حتى اللحظة.
كانت حرب اليمن من أجل إعلاء شأنه والتغطية على منجزات
وزير الداخلية التي رفعت أسهم الأخير عند المجتمع الدولي. ولكن الحرب تعثرت. فقد
رفضت مصر المشاركة النشطة فيها. ولم يتمكن التحالف الخليجي مع القوات السودانية
إلا من تحقيق مكاسب متواضعة. ولا زالت الحرب مستمرة مع أن ولي ولي العهد قد أعطى
انطباعاً أن الحرب ستكون نزهة.
مكتسبات هذه الحرب كانت إبعاد متعب بن عبد الله عن أي
إمكانية منافسة مستقبلية. أما المنافس الوازن والرئيسي فهو باق متربع على عرشه
كولي للعهد.
فما العمل إذن للتغطية على عدم انتصاره في اليمن؟ راى
الأمير الطموح أن يمد يده إلى ملف ولي العهد: ملف الإرهاب. أعلن تحالف 34 دولة
إسلامية ضد الإرهاب واستعدادها لبعث قوات برية لمحاربة الإرهاب في سوريا. ولكن
المضحك في الأمر أن هناك دولاً لم تكن تعرف أنها هي من ضمن التحالف. فهذا التحالف
كاريكاتوري لا نفع منه في الملف الذي فُتح من أجله.
إن استخدام الساحات الخارجية من أجل التنافس الداخلي لم
يكن يوماً مفيداً وليس بإمكانه حسم معركة داخلية حتى وإن نجح.
هل كان بإمكان محمد بن سلمان أن يبعث قواته المسلحة لخوض
معركة خارجية لولا أن الساحة الداخلية للمملكة ممسوكة بيد من حديد، يد محمد بن
نايف.
حتى انتصاره المستبعد، شريكه الأهم فيه، هو منافسه الذي
لا يمكنه إزاحته.
هل سيُغمد سيفه يا ترى؟
19 كانون الأول 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق