حسن ملاط
إتهام حزب الله بعملية تفجير المصرف في فردان، فيه
الكثير من السذاجة. كما ويتضمن تبسيطاً للتجاذب الحاصل ما بين حزب الله كممثل عن
بيئته الحاضنة (الشيعية) والمصارف التي تريد تطبيق العقوبات المالية على الحزب
وجمهوره بشكل لم يطلبه الأمريكي نفسه (ملكيون أكثر من الملك).
الشروط الاميركية: "أن الحسابات بالليرة اللبنانية المخصصة للإستعمال
المحلي ( توطين رواتب... ) لن تكون مشمولة بالقانون، وأن المراقبة تتم
على حركة الحسابات ووتيرة تبدلها سلبا أو إيجابا. وفي هذا المجال يكشف أحد النواب
الشيعة وهو رجل أعمال أنه أتم صفقة لبيع عقار يملكه خارج لبنان، وعندما حول المبلغ
على حسابه، تعرض لاستجوابات دقيقة عن سبب دخول مبلغ غير إعتيادي إلى حسابه".
"اما الامر الثالث فيتعلق بضرورة إلتزام لبنان اللوائح الصادرة عن الإدارة الاميركية، بينما تبقى مبادرات المصارف في التشكيك بحسابات معينة مجرد إجتهادات ليس المطلوب من المصارف أن تذهب فيها أبعد مما هو مطلوب، وهذا ما كان كشفه غلايتزر للمسؤولين اللبنانيين في سياق تفسيره لآليات تطبيق القانون".
"اما الامر الثالث فيتعلق بضرورة إلتزام لبنان اللوائح الصادرة عن الإدارة الاميركية، بينما تبقى مبادرات المصارف في التشكيك بحسابات معينة مجرد إجتهادات ليس المطلوب من المصارف أن تذهب فيها أبعد مما هو مطلوب، وهذا ما كان كشفه غلايتزر للمسؤولين اللبنانيين في سياق تفسيره لآليات تطبيق القانون".
ما فعلته بعض البنوك هو إقفالها لبعض الحسابات التي يعرف
القاصي والداني أن لا علاقة لها بحزب الله لا من قريب ولا من بعيد، مثل
"جمعية المبرات الخيرية" التابعة للمرجع السيد محمد حسين فضل الله.
علماً أن هناك تعميماً صدر عن حاكم مصرف لبنان يناقض ما ذهبت إليه هذه البنوك. كما
وأن هناك مصارف أقفلت حسابات لنواب من الحزب، وواضح من كلام غلايزر أن هذا ليس
مطلوباً.
الحزب سهل إقرار القوانين المالية في مجلس النواب والتي
طلبتها السلطات الأمريكية. فهو ليس في صدد إعداد مجابهة مع أمريكا في الشؤون
المالية، وهو يعلم مسبقاً عدم قدرته على القيام بها. ليس هذا فحسب، بل أنها ليست
على أجندته على المدى المنظور.
مرجعية الحزب، إيران، تقوم بالمستحيل حتى تسمح لها
الإدارة الأميركية أن تمارس العمليات التي تقوم بها البنوك اللبنانية. أين
المصلحة، بالنسبة للحزب، أن يعمل على إدخال البنوك اللبنانية في دائرة الحظر
الأمريكي؟
لقد صرح المرشد الأعلى أن أمريكا هي العدو "لأنها
تكذب ولا تسمح للمصارف الإيرانية الدخول إلى النظام المصرفي الأمريكي". بل ما
فعله الأمريكي، وبعد جهود حثيثة من قبل الديبلوماسية الإيرانية، أن سمح للمصارف
الإيرانية بإجراء هذه العمليات عبر مصارف أوروبية كوسيط. وكانت النتيجة عدم قيام
البنوك الأوروبية بهذه العمليات خوفاً من دخولها ضمن دائرة العقوبات الأمريكية على
إيران والتي كلفت بعض البنوك مليارات من الدولارات كعقوبات من قبل السلطات المالية
الأمريكية.
أين المنطق بقيام حزب الله بعمليات قد تؤدي إلى إخراج
المصارف اللبنانية من جنة التبعية للنظام المالي الأمريكي والذي ينشده الإيراني؟
من هنا نقول بأن اتهام الحزب بهذه العملية هو سذاجة
مطلقة، وهي لا تخرج عن كونها مساهمة في تأجيج العصبيات المذهبية التي لم تخب
قليلاً إلا بجهود مضنية من قبل الحريري والحزب. فهي يجب أن تكون مبرمجة!
مجابهة التبعية للإدارة الأمريكية لا يكون بعملية عسكرية
هنا أو هناك. مجابهة التبعية تكون ببناء مجتمع مقاوم، وهذا ليس من برنامج الحزب
ولا من برنامج إيران أصلاً. ففي الحرب الأخيرة مع الكيان الصهيوني، احتاج رفع الحصار
الغذائي عن لبنان، والذي فرضه العدو، إلى جهود دولية تقرر على إثرها تسليم القوات
الألمانية في البحر تفتيش الواردات إلى السوق اللبنانية.
أيام المجاعة في لبنان، كان المزارع اللبناني يقوم
بتهريب إنتاجه وإخفائه عن عيون جنود الإحتلال. في حرب السنتين كنا نقف ساعات أمام
الأفران لتأمين ربطة خبز لأولادنا.
في فيتنام، كان المزارع يبني ملاجىء في أرضه الزراعية،
يختبىء فيها من غارات العدو الأمريكي. ثم يتابع عمله عند اختفاء هذه الطائرات.
أرضنا لا تُزرع. وإذا زُرعت، فبالمواسم التي لا تفيد في صمود الشعب مثل الخيار
والبندورة والحشيش، وليس بالقمح ودوار الشمس والذرة...
تصوروا مجتمعاً مقاوماً مع مقاومة تمكنت من هزيمة العدو
مرتين متتابعتين في ست سنوات!
أختم فأقول، نحن من ضمن النظام المالي الأمريكي ومطلوب
منا، كما هو مطلوب من جميع الموجودين على الكرة الأرضية الخضوع له، وهم يخضعون.
ولا بديل لذلك على المدى المنظور. فلا ضرورة للتحريض الذي لا يفيد في شيء.
13 حزيران 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق