حسن ملاط
لقد تمكن اللواء الريفي من تحقيق فوز كبير في الإنتخابات
البلدية في طرابلس. ولكن لا يمكن إعطاءه صفة الفوز الساحق، وذلك لأن الريفي لم
يتبن لائحة "قرار طرابلس"، إنما أيدها. ولأنه لم يتوقع هذا الفوز الكبير
لها. وهذا يعني أن التحضير الذي قام به لا يتناسب مع حجم الفوز الذي حصل. وهذا إن
دل على شيء، فإنما يدل على أن الريفي وأهل اللائحة لم يرصدوا نبض الشارع بشكل جيد.
أما الخاسر الأكبر، فهو تآلف جميع القوى السياسية وعلى رأسهم الرئيس ميقاتي.
1- بسبب عدم تحضيرها الشارع للإنتخابات، اعتمدت جميع القوى السياسية على
ماكينة الرئيس ميقاتي الذي يملك المؤسسات التي تقدم الخدمات للناس على مدار السنة.
هذا ما دفع مناصري الرئيس ميقاتي على الإرتياح، وعلى عدم بذل الجهود الضرورية.
2- نواب طرابلس كذلك استهانوا جميعاً بلائحة ما يُسمى بالمجتمع المدني التي
بذلت مجهودات لا بأس بها حتى تمكنت من الفوز.
3- الخاسر الأكبر الثاني بعد الميقاتي، كانت الجماعة الإسلامية التي تملك تاريخاً
عريقاً في طرابلس والتي كانت تملك قاعدة لا يُستهان بها. الجماعة لم تتمكن من
الفوز. وهذا ما جعل مسؤولها السياسي يتقدم باستقالته، لأنه لم يكن موافقاً على
كيفية إدارة معركة البلديات، على ما نقلت بعض الصحف.
4- الخاسر الثالث هو الرئيس الحريري، الذي كان يعلم
مسبقاً عدم إمكانيته على قيادة المعركة، لذلك سلمها للميقاتي. قبل الحريري بأن
يكون الفائز الثاني (أمام الميقاتي) والخاسر الثاني وهذا ما جعله لا يتقدم لقيادة
اللائحة.
هناك أسباب عديدة أخرى، ولكن لن نعددها لأنها
لا تتعلق بموضوع تحليلنا الحالي.
أهدى اللواء الريفي الإنتصار إلى روح الرئيس
الحريري وأرواح شهداء ثورة الأرز. وأضاف انه يمد يده الى الرئيس سعد الحريري، وانهما اختلفا على نقاط سياسية
أبرزها ترشيح رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية للرئاسة. ولفت
الى ان مشاركته في الحكومة تعني قبوله بالجلوس مع "حزب الله"، مشددا على
انه لن يقبل بأن يكون لبنان ولاية إيرانية.
لماذا تجند الإعلام، وخاصة المعادي للريفي، إعطاء الفوز أكثر من حجمه
وتصويره وكأنه انتصار على الحريري؟ هذا مع العلم أن الجميع يعرف أن هذا الفوز لا
يمكن استثماره إلا في الساحة الطرابلسية. وإشارة الريفي لحزب الله تعني أنه موافق
على استمرار علاقة الحريري مع الحزب ولكن بصيغة أكثر تشدداً.
إن ما أراده المروجون للفوز الكبير هو فقط تشتيت هذه الساحة لأن
الريفي يعرف قبل غيره حجمه وحجم الساحة التي يمكن أن يكون فاعلاً فيها.
الرئيس ميقاتي يعمل في الخدمات منذ أكثر من عقدين من الزمن وترأس
الحكومة مرتين ولا يمكن حتى الآن التحدث عن حجم له على امتداد الساحة اللبنانية.
فهل يمكن للريفي أن يكون فاعلاً على الساحة اللبنانية لأنه فاز بثلثي مقاعد بلدية طرابلس؟
إن من ينفخ بفوز الريفي أكثر من حجمه الفعلي، إنما يريد في حقيقة
الأمر إسقاطه. ولكن الظاهر حتى الآن أن الوزير الريفي لم يقع في فخ هؤلاء. لذلك
نراه يؤكد على التعاون مع الحريري، ولكن مع ضرورة إعادة النظر في تحديد الأحجام!
وهذه نقطة تًسجل له.
الرئيس الحريري رد التحية بأحسن منها؟
لقد أعلن الحريري على لسان المشنوق أن جميع ما يعترض عليه الريفي لم
يكن من فعل الحريري نفسه، إنما كان بضغط وإملاء من المرجعية المشتركة للحريري
وللريفي على السواء. وهذا يعني أن لا ضرورة للخلاف طالما أن الثوابت مشتركة. إذن
لا يبقى إلا الإخراج التقني لكيفية المصالحة.
خلاصة القول، أن من يمكنه لعب دور على امتداد الساحة اللبنانية، يجب
أن يملك تأثيراً على امتداد هذه الساحة. الوحيد الذي يملك هذه المواصفات في الوقت
الراهن هو الحريري، ولا يوجد بديل له في الوقت الراهن. من أجل ذلك نرى ضرورة استمرار
التعاون ما بين الحريري وحزب الله على تأمين الإستقرار في الساحة الداخلية في ظل
عدم الإستقرار الإقليمي. أما محاولات التهشيم فهي لا تفيد في شيء لأن التهشيم لحق
بجميع الأطراف من دون استثناء في الإنتخابات البلدية. والوزير الريفي يعلم أنه ليس
مهيئاً حالياً لإمكانية لعب دور في فرض الإستقرار على الساحة الداخلية.
4
حزيران 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق