المفاوضات الفلسطينية الصهيونية الأخيرة
" ولو أرادوا الخروح (الجهاد) لأعدوا له عدة"
"قرآن كريم"
الثالث من أيلول 2010 كان يوماً مشهوداً في تاريخ الأمة العربية والاسلامية. فقد شهد هذا اليوم حدثين بارزين. أولهما يوم القدس العالمي الذي أطلقه الإمام الخميني، زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية، تأكيداً على عروبة وإسلامية القدس وتأكيداً على مسؤولية الأمة جمعاء عن تحريرها من رجس الإحتلال الإسرائيلي البغيض، هي وما حولها من الأرض المحتلة في فلسطين والقضاء على الكيان الغاصب.
وثانيهما هو انطلاق المفاوضات الأخيرة ما بين محمود عباس وجماعته من جهة وممثلي الكيان الغاصب وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو من جهة ثانية، وتحت رعاية من باراك أوباما الرئيس الأمريكي، فرعون العصر، وشاهدي الزور حسني مبارك رئيس النظام المصري وعبد الله الثاني ملك الأردن. ولا نبالغ إذا قلنا أن عباس ومبارك وعبد الله قد جاءوا بناء لمذكرة جلب من أوباما. عباس ليوقع على صك التنازل عن معظم فلسطين لإسرائيل، بمباركة الرئيس والملك.
ما قصة هذه المفاوضات؟
المفاوضات تكون عادة بين طرفين على الأقل أو أكثر، ويكون القاسم المشترك بين مختلف الأطراف هو حاجتهم لإجراء مثل تلك المفاوضات. إذا طرحنا السؤال عن حاجة رئيس وزراء العدو للتفاوض، سيكون الجواب هو عدم حاجته للتفاوض. إذ أن إسرائيل تقوم بجميع ما تراه مناسباً لها ولمستوطنيها ضاربة عرض الحائط بعباس وجماعته غير عابئة حتى بتأمين أي مصداقية له أمام جماهير فلسطينيي الضفة الغربية الذين يرأسهم. فلماذا يفاوض نتنياهو إذن؟ إنه يفاوض لسببين. الأول حاجة الراعي أوباما لهذا التفاوض بقصد تأمين الفوز في الانتخابات النصفية التي سوف تجري بعد شهر في الولايات المتحدة الأمريكية. والثاني إمكانية حصوله على صك تنازل من قبل محمود عباس عن معظم حقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين.
لماذا يفاوض عباس؟
إذا أهملنا عامل نهاية ولاية عباس منذ مدة كرئيس للسلطة الفلسطينية، نجد بأنه لا وجود لأي سبب يجعل عباس يسارع إلى التفاوض مع نتنياهو. فهو رئيس منتهية ولايته أولاً ولا يملك أياً من أسباب القوة التي تساعده على التفاوض ثانياً وبوجود إنقسام حاد ما بين الفلسطينيين سواء على الصعيد الشعبي أو على صعيد المنظمات. وحكومته برئاسة فياض تقوم باضطهاد كل مقاوم لإسرائيل (أسباب القوة). فلماذا يفاوض وعلام يفاوض. إذا وضعنا ميزان القوى ما بين عباس ونتنياهو على الطاولة ( والقرارات أو الاتفاقات تكون دائماً تعبيراً عن موازين القوى) ماذا نستنتج؟ الاستنتاج هو أن عباس ليس أمامه إلا التنازل. فلماذا يفاوض إذن؟
سوف نجيب عن هذا السؤال ولكن بعد أن نستعرض ماجرى.
أبو عمادالرفاعي، قائد منظمة الجهاد الإسلامي في لبنان، وهي منظمة مقاومة، وفي حديثه لـقناة "المنـار"، اعتبر أن " ما يجري الآن في المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين تأكيد لسياسية التهويد والإستيطان اليهودي في القدس"، لافتا الى أنَّ "ما يهدد القضية الفلسطينية هو استمرار اعطاء التنازلات لإسرائيل من خلال المفاوضات المباشرة من الجانب الفلسطيني".
وشدد الرفاعي على أن الجانب الصهيوني ليس في وارد أي حل، والمفاوضات الحالية لن تؤدي الى نتيجة ومصيرها الفشل والسقوط، والحل الوحيد أمام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" هو حل السلطة والتخلص من نتائج وافرازات اوسلو، والعودة الى الخيار الشعبي المتمثل بالمقاومة، والتمسك بالحقوق الفلسطينية دون أي تنازلات، مستغرباً اقتناع رئيس السلطة الفلسطينية بأن تحقق العملية التفاوضية مكاسب للشعب الفلسطيني، وسأل ماذا وراء هذه المفاوضات، هل هي تواطؤ من عباس وبعض الانظمة العربية للتغطية على تهويد القدس ومحاصرتها والتنازل عن الثوابت الفلسطينية، أم أن الاموال الغربية التي تأتي للسطة مهددة بالقطع في حال رفض عباس المفاوضات.
وأكد الرفاعي أن نتائج العملية التفاوضية لا تلزم الشعب الفلسطيني بشيء، وجميع فصائل المقاومة الفلسطينية تؤيد هذا الموضوع، لا سيما أن المقاومة هي الخيار الوحيد للدفاع والتصدي للعدوانية الصهيونية، ودعا شعوب العالم العربي والاسلامي الى دعم خيار المقاومة ومساندة الشعب الفلسطيني في همومه ومعاناته.
أكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، أسامة حمدان، أن موقف الحركة واضح في رفض التسوية بإعتبارها عملية تصفية للقضية الفلسطينية وتنازل عن حقوق الفلسطينيين، مشيراً الى أنَّ توقيت هذه المفاوضات أسوأ من أي وقت مضى، إذ أنها تمس أهم القضايا الاساسية والجوهرية من حقوق الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بالقدس والارض والشعب وفي شكل السلطة الفلسطينية وطبيعيتها وسيادتها، ولفت الى أن مصير المفاوضات إما الفشل أو الاستسلام.
حمدان، وفي حديث لـ"الانتقاد"، جريدة إلكترونية تعبر عن رأي المقاومة الإسلامية في لبنان، أوضح أن المفاوضات خيانة سياسية ووطنية هدفها تحقيق مزيد من المكاسب على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية، مشدداً على أنَّ المفاوضات جاءت لحفظ ماء وجه الادارة الاميركية التي تفشل في المنطقة، سواء أكان في العراق أو أفغانستان، لا سيما انها لم تستطع إلزام رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تجميد الاستيطان، فضلاً عن فشلها في المفاوضات غير المباشرة، وأكد أن "الاسرائيلي وجد فرصة جديدة للضغط على طرف مستعد للتنازل، خصوصاً بعدما أبدى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "ابو مازن" إستعداده للذهاب الى التفاوض، ولو حصل على واحد في المئة من حقوق الشعب الفلسطيني.
وقال نتنياهو، رئيس وزراء العدو، مخاطبا عباس: "ارى فيك شريكا للسلام، ونحن قادرون معا على قيادة شعبينا الى مستقبل تاريخي يضع حدا للمطالب وللنزاع". وشدد على ان السلام الحقيقي والدائم يتطلب "تنازلات مشتركة ومؤلمة من الطرفين"، وانه مستعد "للسير على هذا الطريق الطويل، خلال فترة قصيرة... وكما تتوقعون منا ان نعترف بالدولة الفلسطينية وطنا للشعب الفلسطيني، فاننا نتوقع منكم ان تكونوا مستعدين للاعتراف باسرائيل وطنا قومياً للشعب اليهودي".
وتناول نتنياهو المتغيرات في المنطقة منذ ان كان رئيسا للوزراء قبل 12 سنة، فتحدث بقلق عن "بروز قوى جديدة في منطقتنا، فقد شهدنا بروز ايران والذين يعملون لمصلحتها وبروز حروب الصواريخ". وخلص الى ان اي اتفاق سلام يجب ان يأخذ في الاعتبار التدابير الامنية ضد هذه الاخطار.
وأما محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته، فقد قال ان المفاوضات ستتطرق الى جميع القضايا المحورية مثل القدس والمستوطنات والحدود والامن والمياه وكذلك الافراج عن المعتقلين "كي ننهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967... لنضع نهاية للصراع ونهاية للمطالب التاريخية". وطالب بالحل العادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية التي نتمسك بها". وكرر التزام الفلسطينيين تطبيق التزاماتهم "واننا ندعو الحكومة الاسرائيلية ايضا الى تنفيذ التزاماتها بوقف كل النشاطات الاستيطانية ورفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة ووقف كل اشكال التحريض".
ورد على طروحات نتنياهو الخاصة بالاعتراف بـ"يهودية" دولة اسرائيل قائلا انه في 1993 وقع ياسر عرفات واسحق رابين ما يسمى الاعتراف المتبادل بين الفلسطينيين واسرائيل "ووقعت هذه الوثيقة، واعتقد ان فيها الكافي من أجل ان تعرفوا نياتنا الطيبة، نياتنا في ما يتعلق بالاعتراف بدولة اسرائيل".
وافتتحت كلينتون، وزيرة خارجية أمريكا، الجلسة ( جلسة التفاوض بين عباس ونتنياهو) بتذكير المشاركين، وبينهم مفاوضون مخضرمون شاركوا في مفاوضات سابقة، باننا "عبرنا هذا الطريق من قبل، وانتم تعلمون كم هو صعب هذا الطريق امامنا، ومما لا شك فيه اننا سنواجه العقبات والنكسات". وقالت ان معارضي قضية السلام سيحاولون بمختلف الوسائل تخريب المفاوضات، واشارت في هذا السياق الى الهجوم على المستوطنين الاسرائيليين في الخليل. وكررت ما قاله اوباما قبل يومين من ان الولايات المتحدة "لن تفرض الحل"، وان المتفاوضين وحدهم قادرون على اتخاذ القرارات الضرورية للتوصل الى اتفاق. واضافت انه اذا تم التقدم بايمان جيد وحسن نية "فاننا سنكون قادرين على حل كل القضايا الجوهرية في غضون سنة واحدة".
وفي خطوة لافتة، اختتمت كلينتون كلمتها بقولها: "اود ان اتحدث مباشرة الى شعوب المنطقة. قادتكم قد يجلسون الى طاولة المفاوضات، لكنكم انتم الذين ستقررون في نهاية المطاف المستقبل. انتم تحملون مستقبل عائلاتكم وشعوبكم والمنطقة في ايديكم. وكي تنجح هذه الجهود، فاننا نحتاج الى دعمكم والى صبركم". ودعت شعوب المنطقة "الى الوقوف وراء قضية السلام الذي يحتاج الى ابطال في كل شارع وفي كل زاوية... انا ادرك كليا خيبات الماضي، وانا اشارك في ذلك، لكنني اعرف ايضا اننا قادرون على التقدم الى الامام لتحقيق مستقبل مختلف".
وبعد انتهاء جلسة التفاوض الأولى، كشف ميتشل ان الطرفين اتفقا على أن "الخطوة التالية هي في بدء العمل على التوصل الى اتفاق اطار للوضع النهائي". وقال ان هدف هذا الاتفاق هو "وضع التسويات الجوهرية الضرورية للتوصل الى تحقيق الاتفاق الشامل الذي سينهي النزاع ويقيم السلام الدائم بين اسرائيل والفلسطينيين". وبعدما أشار الى ان الطرفين هما اللذان اقترحا هذا الهدف الأولي ووافقا عليه، أوضح ما يعنيه بعبارة "اتفاق اطار"، انه "ليس اتفاقا موقتا، وهو أكثر تفصيلا من اتفاق اعلان مبادىء لكنه أقل من اتفاق سلام كامل...".
وأفاد ان ممثلين للأطراف الثلاثة اجتمعوا في قاعة أخرى تحضيرا للجلسة الثانية في 14 ايلول، وأن الاتصالات في هذا الشأن ستستمر في واشنطن وفي المنطقة خلال الفترة الفاصلة بين الجلستين الاولى والثانية. ووافق ميتشل على ما قاله نتنياهو عن دور ايران السلبي في المنطقة، قائلا ان لسياسات ايران تاثيرا على المفاوضات، ورأى ان الدور الايراني يجب ان يكون حافزاً اضافيا للتوصل الى حل. وجدد التزام واشنطن تحقيق السلام الشامل الذي يشمل سوريا ولبنان.
ومن الجدير ذكره أن محمود عباس قد أكد أنه لن يخسر شيئاً بالتفاوض إذا لم تنجح المفاوضات. في الوقت نفسه أكد الرئيس أوباما أنه في حال انسحب عباس من المفاوضات فسوف يكون هو الخاسر الوحيد.
هذه هي الصورة التي عكسها الإعلام للمفاوضات المباشرة بين عباس وفريقه ونتنياهو رئيس وزراء العدو.
كان الإنعكاس الأول لهذا التفاوض هو اجتماع الفصائل المقاومة في غزة وتوصلها إلى قرار توحيدي: وأكد أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام أن اجتماعا عقد في غزة قبل يومين ضم 13 من الأذرع العسكرية لفصائل فلسطينية تم الاتفاق من خلاله على تنسيق الأنشطة العسكرية ضد إسرائيل بهدف افشال المفاوضات.
وقال أبوعبيدة في مؤتمر صحفي في غزة إن هذه الفصائل وحدت صفوفها لشن هجمات أكثر فعالية ضد إسرائيل، ولدى سؤاله هل يشمل ذلك تفجيرات انتحارية قال "كل الخيارات مفتوحة".
من ناحية ثانية استهجن ابو عبيدة في البيان المشترك الذي تلاه في المؤتمر الصحفي "حملة الاعتقالات التي تقوم بها السلطة في رام الله" وأضاف "لن نقف مكتوفي الايدي امام هذه الممارسات" وتابع "ندعو السطة لوقف هذه الحملة قبل فوات الاوان".
وقامت حماس بعمليتين في الضفة الغربية، الأولى بالقرب من الخليل قضت فيها على أربعة مستوطنين والثانية بالقرب من رام الله. وقد اعتقلت سلطات فياض حوالي 450 مقاوماً.
أما في الأرض المحتلة (إسرائيل) فقد شدد منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية اللواء ايتان دانغوت على أهمية استمرار العزلة بين قطاع غزة والضفة الغربية وأعلن في الوقت ذاته أن إسرائيل لن توافق على توسيع الصادرات من غزة من دون إعادة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية إلى المعابر بين القطاع وإسرائيل.
ومن جهة ثانية، كشف النقاب امس في تل ابيب عن انّه بالتزامن مع انطلاق قمة واشنطن لاطلاق المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية بمدينة رام الله المحتلة وبين حكومة بنيامين نتنياهو، صادَقَت ما تسمى بلجنة تخليد ضحايا الاعمال العدوانيّة في بلديّة الاحتلال في القدس على انشاء مقرّ قطري جديد لمنظّمة زاكا (التي تُعْنَى بانتشال ضحايا الكوارث الطّبيعيّة والسياسية، والعاملة بموازاة شرطة اسرائيل ونجمة داود الحمراء) في حيّ الشّيخ جرّاح، بحيث سيشتمل المقرّ على قاعة ضخمة لتبريد وحفظ جثث الضحايا، اضافة الى انشاء متحف يخلّد من وصفهم موقع صحيفة 'يديعوت احرونوت' على الانترنت بضحايا عمليّات الارهاب، على حدّ تعبير اللجنة.
يأتي هذا القرار ليوسّع من النّفوذ الاستيطانيّ المتفشّي في الاحياء العربيّة في القدس، ضمن مخطّط بلدية الاحتلال الواسع لتهويد القدس، ومحو معالمها العربيّة.
أما عن سبب المفاوضات فقد قالت أوساط إسرائيلية " لم يأت بيبي ولايته الثانية لصنع السلام بل لمنع المشروع الذري الايراني. في مقابلة الاستعدادات العسكرية التي تجري طوال الوقت، يجب عليه ان ينشىء وضعا يكون من الممكن معه انشاء تحالف دولي على ايران، أو يكون من الممكن في وقت ما تجنيد الامريكيين لذلك، او استخلاص موافقة منهم على الأقل على عملية اسرائيلية. يحتاج من أجل ذلك الى مسيرة سياسية ويحتاج من أجل ذلك الى تفاوض". معاريف
أما في الأردن فقد اكد حزب "جبهة العمل الإسلامي" في بيان تنديده بـ'انطلاق المفاوضات التفريطية بمشاركة اطراف عربية في واشنطن' داعيا الى 'دعم المقاومة لاسقاط نهج التنازلات'، على حد تعبيره. ونقل البيان عن حمزة منصور، أمين عام الحزب، قوله ان 'المفاوضات السابقة خلال عشرين سنة ومنذ مؤتمر مدريد اثبتت عقمها وعدم جدواها فلسطينيا وعربيا'.
ورأى أن 'المستفيد الوحيد منها هو العدو الصهيوني الذي نجح في شق الصف الفلسطيني وانتزاع تنازلات جديدة في كل محطة من محطات التفاوض، وشكلت المفاوضات غطاء لمزيد من الاستيطان والتوسع ونهب الأرض وايجاد واقع يصعب تجاوزه'.
وطالب منصور 'النظام الرسمي العربي بسحب ما سمي بالمبادرة العربية التفريطية والتوقف عن اسباغ الشرعية على المفاوضات العبثية' مؤكدا أن 'السبيل الوحيد أمام الشعب الفلسطيني لانتزاع حقوقه هو العودة بكل فصائله ومكوناته الى خيار المقاومة'.
وأما في لبنان حسب وكالة رويترز: قال لاجئون فلسطينيون في لبنان امس الخميس انهم يخشون ان تؤدي محادثات السلام المباشرة التي ستبدأ بين الفلسطينيين واسرائيل في واشنطن الى حرمانهم من بعض الحقوق.
هذه هي الأجواء التي رافقت المفاوضات وانطلاقتها. ولكن هل أن هذه المفوضات جاءت من دون مقدمات؟ وهل المنظمات المعادية لنهج عباس قد هيأت الأجواء المؤاتية لمجابهة هذه المفاوضات؟ أين معادلة الشعب الفلسطيني في مجابهة هذه المفاوضات؟ علماً أن الشعب الفلسطيني سيكون الخاسر الأكبر من هذه المفاوضات.
كلنا يعلم أن إسرائيل تجند جميع يهود العالم وحلفائهم للوصول إلى قرار معين. كما وأن المنظمات الصهيونية في العالم تتنافس لخدمة الكيان الصهيوني (إيباك وجي ستريت)، وقد رحب العرب بوجود "جي ستريت" لأنها تنافس ايباك، ربما سجلوا ذلك في سجل انتصاراتهم على الصهيونية العالمية!
بالمقابل ماذا نفعل نحن كعرب أو كفلسطينيين؟ يقسم الشعب الفلسطيني إلى الأقسام التالية:
1- اللاجئون في لبنان
2- اللاجئون في سوريا
3- اللاجئون في الأردن ( نحن نعلم أن ظروفهم مختلفة في كل من هذه البلدان الثلاثة)
4- اللاجئون في الخليج
5- اللاجئون في مصر وشمال أفريقيا
6- اللاجئون في الشتات
7- اللاجئون في غزة والضفة الغربية
8- فلسطينيو غزة
9- فلسطينيو الضفة
و أخيراً فلسطينيو 48 .
في حال كانت المنظمات الفلسطينية جادة بمجابهتها لإسرائيل فسوف يكون لكل فئة من هذه الفئات دور تلعبه. ما هو الدور التي تلعبه منظمة التحرير الفلسطينية في مسيرة التحرير منذ إتفاق أوسلو السيء الذكر؟ ماهو الدور الذي يلعبه اللاجئون في المخيمات اللبنانية كمساهمة في التحرير. ويمكننا طرح العديد من الأسئلة. ولكن أصبح واضحاً اتجاه الأسئلة.
إن كياناً كالكيان الصهيوني يتمتع بتأييد كل المجتمع الدولي لا يمكن مجابهته إلا بتجميع جميع قوانا والحلفاء لمجابهته. الانتصار على هذا الكيان يستدعي ذلك. نحن نعلم أن ظروف الجبهات المؤيدة للعمل المقاوم هي صعبة وصعبة جداً. ولكن هذا لا يعفيها من إبتداع أساليب للمقاومة تتناسب مع ظروفها الخاصة. الأنواع العشرة من الفلسطينيين تكاد تكون طاقات معطلة، لا نقول نهائياً ولكن تكاد تكون نهائياً.
المقاومة لا تكون رد فعل على فعل قام به العدو. المقاومة هي فعل وليس رد فعل. لأن الفعل هو الخلاق والمبدع ورد الفعل يكون تابعاً. جميع المنظمات المقاومة كانت تعلم حق العلم أن مسيرة عباس سوف تؤدي إلى التنازل عن معظم حقوق الشعب الفلسطيني. ماهو الفعل الذي قامت به حتى تمنع على عباس إمكانية القيام بذلك. هل نظمت الشعب الفلسطيني لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية على الأقل. هناك الكثير من المنظمات النقابية الفلسطينية، هل فعلت دورها؟ المقاومة منذ فترة وجيزة كانت ممنوعة في غزة، لماذا سمح بها الآن؟ رد فعل، أليس كذلك.
المقاومة، مقاومة المشاريع الإستعمارية تكون متناسبة مع المشروع الإستعماري نفسه. هل ما تقوم به المنظمات الفلسطينية المؤيدة للمقاومة يتناسب مع قوة المشروع الإستعماري الإسرائيلي؟ بالطبع لا!
لن نسأل جميع الأسئلة التي يجب طرحها، إنما نريد أن نصل إلى نتيجة تمكننا من مجابهة العدو، ونحن جميعاً معنيون بمجابهته. على المنظمات المقاومة أن تبتدع منذ الآن الأساليب التي تمكنها من تجنيد جميع طاقات مختلف فئات الشعب الفلسطيني في مجابهة العدو، وهذا لا يعني المقاومة المسلحة. فالمقاومة لها اتجاهات عديدة وممارسات لامتناهية. إنما لا بد من أن يكون برنامج عمل جميع من يريد أن يجابه العدو هو استنهاض جميع طاقات الشعب الفلسطيني أولاً والشعوب العربية والاسلامية ثانياً.
إن القيام بالعمليات الجهادية المسلحة ضد العدو تستدعي تغطية شعبية تمكنها من الاستمرار ليس بمنحى تكتيكي، إنما بمنحى استراتيجي يوصل إلى التحرير، ويبعث المتخاذلين أمثال عباس وزبانيته إلى الأمكنة المخصصة لهم حيث يزوي من يبيع مصالح شعبه لصالح العدو.
لماذا يفاوض عباس؟
بكل بساطة، حتى يرضي راعيه الأمريكي بالدور الذي حدده له: التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني.
حيث يعلم حق العلم أنه قد أصبح خارج التاريخ، فهو يجاهد للبقاء حتى في مكان ما من أحد يختاره. وهذا مصير من يتخلى عن مصالح شعبه.
hassanmallat.blogspot.com 4 أيلول 2010 حسن ملاط