مجابهة الفتنة
"والفتنة أكبر من القتل"
"قرأن كريم"
مخطىء من يعتقد أن لبنان محصن ضد الفتنة. ومخطىء أيضاً من يعتقد أننا لسنا بحاجة ماسة إلى العمل الجاد لدرء الفتنة. وأسوأ مما تقدم أننا نرى أن الفتنة باتت على قاب قوسين أو أدنى.
ماذا هناك؟
لقد تمكن الرئيس السنيورة، خلال سني حكمه، أن يورط لبنان بمطبات يكاد من المستحيل الشفاء منها، وأهمها المحكمة الدولية التي أقرت تحت البند السابع التي تجعل لبنان تحت انتداب المجتمع الدولي. وأهم مفاعيل هذه المحكمة تخريب العلاقات السورية اللبنانية لمدة خمس سنوات عجاف، والأهم الثاني تخريب السلم الأهلي اللبناني بسبب اتجاه المجتمع الدولي إلى اتهام "حزب الله" والمقاومة بقتل الرئيس رفيق الحريري. وقلة قليلة من الذين لا تحركهم الغريزة المذهبية والطائفية الذين بإمكانهم الإقتناع بما تريد أن تذهب إليه المحكمة الدولية. لماذا انتقل الإتهام من سورية إلى حزب الله؟ لأن إسرائيل لم تتمكن من الانتصار على المقاومة في عدوان تموز 2006 ، فأصبح لزاماً على المجتمع الدولي إكراماً لإسرائيل وحليفتها الأساسية الولايات المتحدة الأمريكية، أن يفتش عن ذريعة ما تمكنه من التخلص من سلاح المقاومة المظفرة.
إذن الإتهام الدولي هو ذرائعي وليس قضائياً. من هنا بات لزاماً علينا التعامل مع هذا الإتهام على هذا الأساس. وحزب الله ليس مخطئاً عندما يشن معركة مفتوحة على امكانية اتهامه الذرائعي. ولكن لا بد من النظر إلى كيفية قيادة هذه المعركة المحقة وماذا جرفت معها من مشاكل.
لقد اعترف الرئيس الحريري بعد عودته من اجتماعه الرمضاني مع الرئيس السوري بشار الأسد بأن شهود الزور قد ورطوا لبنان بخلافات مع الشقيقة سوريا، ومع شعبها وقيادتها. واعترف الرئيس الحريري أن دور شهود الزور كان سلبياً على الصعيد الداخلي. كما وأن الرئيس الحريري لم يعلن أنه لن يوافق على محاكمة الشهود الزور. ماذا يعني هذا؟ إن هذا يعني أن هذه النقطة قد تُركت لمفاوضات بينية تضم الرئيس الحريري إلى السيد حسن نصر الله ينتج عنها إتفاقاً يقضي على الفتنة من جذورها. ولكن لأسباب نجهلها تم التعامل مع تصريح الرئيس الحريري لجريدة الشرق الأوسط بشكل أقل ما يقال فيه أنه لا يتناسب مع ما قام به الرئيس الحريري. واحتقن الجو أكثر بعد أن أدلى جميل السيد بحديثه الصحفي المشهور والذي "قطع فيه وشلح" بالنسبة للرئيس الحريري بشكل لا يتناسب مع ما يمثل الرئيس الحريري على صعيد مجتمع لا يعترف إلا بالطوائف. و أيده حزب الله في موقع كان عليه أن لا يتدخل بالشكل الذي تدخل فيه. هل علينا أن نخرب لبنان كرمى لعيون جميل السيد؟ ونحن متفقون أن من الخطأ خراب لبنان كرمى لعيون الرئيس رفيق الحريري.
"أصدر "حزب الله" أمس بياناً تناول فيه الاجراء القضائي في حق اللواء السيد وذلك بعد 48 ساعة من اتخاذه، ومما جاء في البيان: (...) فوجئنا باستخدام القضاء في خدمة الصراع السياسي من خلال ما أعلن عنه من قرار يتعلق باللواء السيد. اننا في حزب الله نعتبر القرار الصادر قراراً سياسياً بامتياز وعنواناً للقمع والترهيب لكل مظلوم يصرّح بالحقيقة في هذه المرحلة، نرفضه بشدة وندعو الى التراجع عنه بسرعة. أما اقامة العدالة فتقضي أن يسارع القضاء اللبناني الى وضع يده على شهود الزور ومصنعيهم الذين ادخلوا لبنان وسوريا في متاهة مظلمة كادت ان تودي بالجميع (...)".وتحدثت معلومات عن تجمع شعبي سينظم اليوم في مطار بيروت الدولي لدى عودة اللواء السيد من باريس. وفيما بثت قناة "أو تي في" التابعة لـ"التيار الوطني الحر" ان "صالون شرف صغيراً أعد" لاستقباله، نفت مراجع وزارة الخارجية التي تعطي الاذن بفتح صالون الشرف ان يكون تدبير كهذا قد اتخذ.وقد استبق السيد عودته ببيان لمكتبه الاعلامي جاء فيه انه "تقدم بمراجعة الى محكمة التمييز الجزائية لدى مجلس القضاء الأعلى لتنحية النائب العام التمييزي سعيد ميرزا عن منصبه ووضعه في التصرف نظراً الى الخصومة الشخصية بينه وبين اللواء السيد (...)".
هذا ما صرح به حزب الله في هذا الجو من الاحتقان الذي أوجده جميل السيد من خلال تهديده العلني للرئيس سعد الحريري. هذا الجو رآه تيار المستقبل مثالياً حتى يبث فيه دعاياته المذهبية: "وكان لكتلة "المستقبل" موقف من بيان "حزب الله". ففي تصريحين للنائبين عمار حوري وزياد القادري عضوي الكتلة لـ"النهار"، أبديا ملاحظات أولية على البيان. فقال النائب حوري: "أن اسلوب حزب الله يمارس التهديد فهل يبحث عن فتنة؟ وهل يدافع عن الشخص الذي هدد رئيس الحكومة بما يعنيه رئيس الحكومة في لبنان؟ وهل ان الحزب الذي له لون مذهبي يدعم من هدد الزعيم السياسي للسنة في لبنان؟ لقد بلعنا كذبة 7 ايار بأنها كانت بسبب شبكة الاتصالات، فما هو موقع جميل السيد بالنسبة الى المقاومة وحزب الله؟ نحن مصرون في النهاية على ان للقضاء دورا يجب ان يقوم به وهناك دولة يجب ان نحافظ عليها". ورأى النائب القادري "أن البيان الصادر عن حزب الله يكشف عن الجهة التي تستهدف مفاعيل القمة العربية الاخيرة في بعبدا والمنحى الايجابي الذي تسلكه العلاقات اللبنانية – السورية". وأشار الى ان هجوم اللواء السيد وبعده هجوم العماد ميشال عون "يظهران ان سوريا ليست وراءهما بل من أصدر أمس بيان الدفاع". ولاحظ "أن المستور انكشف في الاجتماع الاخير للجنة المال والموازنة عندما جرت الدعوة الى تغيير المشهد الذي نشأ بعد 14 شباط 2005. فاذا كان التغيير عبر الانتخابات غير وارد بعد نتائجها عام 2009، فهل هناك اتجاه الى اعتماد العنف وسيلة لهذا التغيير؟".وأصدرت الامانة العامة لـ14 آذار بيانا اعتبرت فيه ان بيان "حزب الله" يمهد "لانقلاب" ودعا الحكومة والقضاء الى "عدم التراجع".
إن ما جعل حزب الله يأخذ هذه المواقف الحادة التي تنسجم مع خطورة ما تمهد له المحكمة الدولية هو خوفه من تمييع قضية شهود الزور. وهذا ما أشار إليه نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم: " ولفت الى ان هناك من يريد تمييع ملف شهود الزور، ويضع العراقيل أمامه، ويقدم طروحات هامشية ليؤجل موضوع شهود الزور علَّ التطورات تجعل من هذا الملف ملفا غير قابل للفائدة او للفعالية. نحن لا نقبل التأجيل ولا نقبل ربط هذا الملف بأي ملف آخر، بل نعتبر ان فتح ملف شهود الزور هو الذي يساعد على كشف الحقيقة، وبغير فتح هذا الملف لا حقيقة في لبنان حتى لو ادعى البعض أنه يمتلك معطيات يمكن ان تؤدي الى نتائج مهمة".وأضاف: "لدينا علامات استفهام كبرى. ماذا ينتيظر هؤلاء الذين يريدون تمييع ملف شهود الزور؟ وما هي الوعود التي أخذوها من جهات مختلفة دولية واقليمية من أجل الترويج لإبعاد هذا الملف عن المتابعة الحقيقية؟". وتساءل: "لماذا يقوم بعض اللبنانيين بحملة منسقة ومدروسة لابعاد التهمة عن اسرائيل؟ ولماذا لا يريدون أن تتجه الانظار الى اسرائيل كجان ومرتكب؟ أدعو بعض جماعة 14 آذار الى ان يكثروا او يبرزوا تصريحاتهم في مواجهة اسرائيل. ألا يرون الانتهاكات الاسرائيلية اليومية بالطائرات التي لا تتوقف عن اختراق الاجواء اللبنانية؟ ألا يرون مخالفة اسرائيل للقرار 1701؟ ألا يرون ان اسرائيل تهدد لبنان دائما وتشكل خطرا جاثما عليه".
هل يمكن الاستمرار في هذا الجو المتأزم الذي ينذر بأسوأ الكوارث؟ بالطبع كلا! فهناك من يستمطر تدخلاً سورياً سعودياً، ربما تبدأ تباشيره في الأيام القادمة. ولكن هل يمكن الركون إلى هذا الجو بانتظار التدخل السوري – السعودي، أم يمكن القيام بما يمكن أن يقضي على ملامح الفتنة الظاهرة؟
نحن نعتقد أن الطرفين الأساسيين في هذا الخلاف، الذي نخشى أن يكون سبباً للفتنة المذهبية، نعني حزب الله والرئيس سعد الحريري هما على حق في ما يسعيان إليه. أحدهما لمعرفة قتلة والده والآخر إلى عدم الخضوع لظلم المحكمة الدولية من خلال قرار إتهامي ظالم. هل يمكن التوفيق بين هذه المطالب: معرفة المجرمين واستبعاد المحكمة الدولية المسيسة ضد حزب الله؟
هناك عوامل عديدة يمكن أن تفيد في هذا المجال:
1 – الاهتمام بما أدلى به السيد حسن نصر الله من معلومات يمكن أن تجعل من إتهام العدو الاسرائيلي باغتيال الرئيس الحريري إمكانية ذات مصداقية على الصعيد القضائي، وعدم التعامل مع هذه المعلومات بالاستخفاف الذي قام به بلمار. من هنا ضرورة تسلم القضاء اللبناني لهذا الملف من غير إبطاء.
2 – المحاكمة الحتمية لشهود الزور الذين خربوا العلاقات الداخلية اللبنانية وخربوا العلاقة مع سوريا قيادة وشعباً. وعدم اللجوء إلى هذه المحاكمة هو بمثابة التعمية عن قتلة الرئيس رفيق الحريري، لأنه ما من أحد يفبرك شهود زور من غير مصلحة له بذلك. إذن يجب محاكمة من وراء هؤلاء من غير رأفة، وعدم التهاون في هذا الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى أسوأ النتائج.
3 – حيث أن المحكمة الدولية تخضع للارادة الأمريكية كما نُقل عن مصادر فرنسية، فلا بد من تصحيح هذا الأمر محلياً وذلك من خلال لقاء يُعقد بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.
وبانتظار ما يجب أن يحصل لا بد من العمل الحثيث على تبريد هذه الأجواء المشتعلة من خلال تحرك جاد ومن غير إبطاء، تقوم به المعارضة السنية. تحرك يطرح القضايا الحساسة التي ساهمت في تأزيم الجو الداخلي، تحرك يعمل على طرح محاكمة شهود الزور والعمل الضاغط من أجل محاكمة هؤلاء في أسرع ما يمكن، ومن غير إبطاء، حتى من دون انتظار مطالعة وزير العدل في هذا الشأن. إن تحركاً جاداً من قبل المعارضة السنية سوف يساهم جدياً في تبريد الأجواء وسوف تجعل حزب الله ينكفىء لأن هناك في الساحة من يقوم بالعمل الذي يجب أن يُقام به.
إن الحفاظ على الوحدة الداخلية ضروري حتى نمنع العدو الاسرائيلي من حرية الحركة داخل ساحتنا. كما أن السلم الأهلي هو أهم عامل يمنع العدوان الاسرائيلي على بلدنا. إن مسألة تفريغ المحكمة الدولية من مفاعيلها المدمرة لوحدة المجتمع اللبناني ليست مهمة حزب الله وحده، بل مهمة جميع الغيورين على لبنان ومقاومته، وعلى رأسهم المعارضة السنية. هل يتم هذا التحرك؟ أليس الصبح بقريب؟
17 أيلول 2010 حسن ملاط
"والفتنة أكبر من القتل"
"قرأن كريم"
مخطىء من يعتقد أن لبنان محصن ضد الفتنة. ومخطىء أيضاً من يعتقد أننا لسنا بحاجة ماسة إلى العمل الجاد لدرء الفتنة. وأسوأ مما تقدم أننا نرى أن الفتنة باتت على قاب قوسين أو أدنى.
ماذا هناك؟
لقد تمكن الرئيس السنيورة، خلال سني حكمه، أن يورط لبنان بمطبات يكاد من المستحيل الشفاء منها، وأهمها المحكمة الدولية التي أقرت تحت البند السابع التي تجعل لبنان تحت انتداب المجتمع الدولي. وأهم مفاعيل هذه المحكمة تخريب العلاقات السورية اللبنانية لمدة خمس سنوات عجاف، والأهم الثاني تخريب السلم الأهلي اللبناني بسبب اتجاه المجتمع الدولي إلى اتهام "حزب الله" والمقاومة بقتل الرئيس رفيق الحريري. وقلة قليلة من الذين لا تحركهم الغريزة المذهبية والطائفية الذين بإمكانهم الإقتناع بما تريد أن تذهب إليه المحكمة الدولية. لماذا انتقل الإتهام من سورية إلى حزب الله؟ لأن إسرائيل لم تتمكن من الانتصار على المقاومة في عدوان تموز 2006 ، فأصبح لزاماً على المجتمع الدولي إكراماً لإسرائيل وحليفتها الأساسية الولايات المتحدة الأمريكية، أن يفتش عن ذريعة ما تمكنه من التخلص من سلاح المقاومة المظفرة.
إذن الإتهام الدولي هو ذرائعي وليس قضائياً. من هنا بات لزاماً علينا التعامل مع هذا الإتهام على هذا الأساس. وحزب الله ليس مخطئاً عندما يشن معركة مفتوحة على امكانية اتهامه الذرائعي. ولكن لا بد من النظر إلى كيفية قيادة هذه المعركة المحقة وماذا جرفت معها من مشاكل.
لقد اعترف الرئيس الحريري بعد عودته من اجتماعه الرمضاني مع الرئيس السوري بشار الأسد بأن شهود الزور قد ورطوا لبنان بخلافات مع الشقيقة سوريا، ومع شعبها وقيادتها. واعترف الرئيس الحريري أن دور شهود الزور كان سلبياً على الصعيد الداخلي. كما وأن الرئيس الحريري لم يعلن أنه لن يوافق على محاكمة الشهود الزور. ماذا يعني هذا؟ إن هذا يعني أن هذه النقطة قد تُركت لمفاوضات بينية تضم الرئيس الحريري إلى السيد حسن نصر الله ينتج عنها إتفاقاً يقضي على الفتنة من جذورها. ولكن لأسباب نجهلها تم التعامل مع تصريح الرئيس الحريري لجريدة الشرق الأوسط بشكل أقل ما يقال فيه أنه لا يتناسب مع ما قام به الرئيس الحريري. واحتقن الجو أكثر بعد أن أدلى جميل السيد بحديثه الصحفي المشهور والذي "قطع فيه وشلح" بالنسبة للرئيس الحريري بشكل لا يتناسب مع ما يمثل الرئيس الحريري على صعيد مجتمع لا يعترف إلا بالطوائف. و أيده حزب الله في موقع كان عليه أن لا يتدخل بالشكل الذي تدخل فيه. هل علينا أن نخرب لبنان كرمى لعيون جميل السيد؟ ونحن متفقون أن من الخطأ خراب لبنان كرمى لعيون الرئيس رفيق الحريري.
"أصدر "حزب الله" أمس بياناً تناول فيه الاجراء القضائي في حق اللواء السيد وذلك بعد 48 ساعة من اتخاذه، ومما جاء في البيان: (...) فوجئنا باستخدام القضاء في خدمة الصراع السياسي من خلال ما أعلن عنه من قرار يتعلق باللواء السيد. اننا في حزب الله نعتبر القرار الصادر قراراً سياسياً بامتياز وعنواناً للقمع والترهيب لكل مظلوم يصرّح بالحقيقة في هذه المرحلة، نرفضه بشدة وندعو الى التراجع عنه بسرعة. أما اقامة العدالة فتقضي أن يسارع القضاء اللبناني الى وضع يده على شهود الزور ومصنعيهم الذين ادخلوا لبنان وسوريا في متاهة مظلمة كادت ان تودي بالجميع (...)".وتحدثت معلومات عن تجمع شعبي سينظم اليوم في مطار بيروت الدولي لدى عودة اللواء السيد من باريس. وفيما بثت قناة "أو تي في" التابعة لـ"التيار الوطني الحر" ان "صالون شرف صغيراً أعد" لاستقباله، نفت مراجع وزارة الخارجية التي تعطي الاذن بفتح صالون الشرف ان يكون تدبير كهذا قد اتخذ.وقد استبق السيد عودته ببيان لمكتبه الاعلامي جاء فيه انه "تقدم بمراجعة الى محكمة التمييز الجزائية لدى مجلس القضاء الأعلى لتنحية النائب العام التمييزي سعيد ميرزا عن منصبه ووضعه في التصرف نظراً الى الخصومة الشخصية بينه وبين اللواء السيد (...)".
هذا ما صرح به حزب الله في هذا الجو من الاحتقان الذي أوجده جميل السيد من خلال تهديده العلني للرئيس سعد الحريري. هذا الجو رآه تيار المستقبل مثالياً حتى يبث فيه دعاياته المذهبية: "وكان لكتلة "المستقبل" موقف من بيان "حزب الله". ففي تصريحين للنائبين عمار حوري وزياد القادري عضوي الكتلة لـ"النهار"، أبديا ملاحظات أولية على البيان. فقال النائب حوري: "أن اسلوب حزب الله يمارس التهديد فهل يبحث عن فتنة؟ وهل يدافع عن الشخص الذي هدد رئيس الحكومة بما يعنيه رئيس الحكومة في لبنان؟ وهل ان الحزب الذي له لون مذهبي يدعم من هدد الزعيم السياسي للسنة في لبنان؟ لقد بلعنا كذبة 7 ايار بأنها كانت بسبب شبكة الاتصالات، فما هو موقع جميل السيد بالنسبة الى المقاومة وحزب الله؟ نحن مصرون في النهاية على ان للقضاء دورا يجب ان يقوم به وهناك دولة يجب ان نحافظ عليها". ورأى النائب القادري "أن البيان الصادر عن حزب الله يكشف عن الجهة التي تستهدف مفاعيل القمة العربية الاخيرة في بعبدا والمنحى الايجابي الذي تسلكه العلاقات اللبنانية – السورية". وأشار الى ان هجوم اللواء السيد وبعده هجوم العماد ميشال عون "يظهران ان سوريا ليست وراءهما بل من أصدر أمس بيان الدفاع". ولاحظ "أن المستور انكشف في الاجتماع الاخير للجنة المال والموازنة عندما جرت الدعوة الى تغيير المشهد الذي نشأ بعد 14 شباط 2005. فاذا كان التغيير عبر الانتخابات غير وارد بعد نتائجها عام 2009، فهل هناك اتجاه الى اعتماد العنف وسيلة لهذا التغيير؟".وأصدرت الامانة العامة لـ14 آذار بيانا اعتبرت فيه ان بيان "حزب الله" يمهد "لانقلاب" ودعا الحكومة والقضاء الى "عدم التراجع".
إن ما جعل حزب الله يأخذ هذه المواقف الحادة التي تنسجم مع خطورة ما تمهد له المحكمة الدولية هو خوفه من تمييع قضية شهود الزور. وهذا ما أشار إليه نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم: " ولفت الى ان هناك من يريد تمييع ملف شهود الزور، ويضع العراقيل أمامه، ويقدم طروحات هامشية ليؤجل موضوع شهود الزور علَّ التطورات تجعل من هذا الملف ملفا غير قابل للفائدة او للفعالية. نحن لا نقبل التأجيل ولا نقبل ربط هذا الملف بأي ملف آخر، بل نعتبر ان فتح ملف شهود الزور هو الذي يساعد على كشف الحقيقة، وبغير فتح هذا الملف لا حقيقة في لبنان حتى لو ادعى البعض أنه يمتلك معطيات يمكن ان تؤدي الى نتائج مهمة".وأضاف: "لدينا علامات استفهام كبرى. ماذا ينتيظر هؤلاء الذين يريدون تمييع ملف شهود الزور؟ وما هي الوعود التي أخذوها من جهات مختلفة دولية واقليمية من أجل الترويج لإبعاد هذا الملف عن المتابعة الحقيقية؟". وتساءل: "لماذا يقوم بعض اللبنانيين بحملة منسقة ومدروسة لابعاد التهمة عن اسرائيل؟ ولماذا لا يريدون أن تتجه الانظار الى اسرائيل كجان ومرتكب؟ أدعو بعض جماعة 14 آذار الى ان يكثروا او يبرزوا تصريحاتهم في مواجهة اسرائيل. ألا يرون الانتهاكات الاسرائيلية اليومية بالطائرات التي لا تتوقف عن اختراق الاجواء اللبنانية؟ ألا يرون مخالفة اسرائيل للقرار 1701؟ ألا يرون ان اسرائيل تهدد لبنان دائما وتشكل خطرا جاثما عليه".
هل يمكن الاستمرار في هذا الجو المتأزم الذي ينذر بأسوأ الكوارث؟ بالطبع كلا! فهناك من يستمطر تدخلاً سورياً سعودياً، ربما تبدأ تباشيره في الأيام القادمة. ولكن هل يمكن الركون إلى هذا الجو بانتظار التدخل السوري – السعودي، أم يمكن القيام بما يمكن أن يقضي على ملامح الفتنة الظاهرة؟
نحن نعتقد أن الطرفين الأساسيين في هذا الخلاف، الذي نخشى أن يكون سبباً للفتنة المذهبية، نعني حزب الله والرئيس سعد الحريري هما على حق في ما يسعيان إليه. أحدهما لمعرفة قتلة والده والآخر إلى عدم الخضوع لظلم المحكمة الدولية من خلال قرار إتهامي ظالم. هل يمكن التوفيق بين هذه المطالب: معرفة المجرمين واستبعاد المحكمة الدولية المسيسة ضد حزب الله؟
هناك عوامل عديدة يمكن أن تفيد في هذا المجال:
1 – الاهتمام بما أدلى به السيد حسن نصر الله من معلومات يمكن أن تجعل من إتهام العدو الاسرائيلي باغتيال الرئيس الحريري إمكانية ذات مصداقية على الصعيد القضائي، وعدم التعامل مع هذه المعلومات بالاستخفاف الذي قام به بلمار. من هنا ضرورة تسلم القضاء اللبناني لهذا الملف من غير إبطاء.
2 – المحاكمة الحتمية لشهود الزور الذين خربوا العلاقات الداخلية اللبنانية وخربوا العلاقة مع سوريا قيادة وشعباً. وعدم اللجوء إلى هذه المحاكمة هو بمثابة التعمية عن قتلة الرئيس رفيق الحريري، لأنه ما من أحد يفبرك شهود زور من غير مصلحة له بذلك. إذن يجب محاكمة من وراء هؤلاء من غير رأفة، وعدم التهاون في هذا الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى أسوأ النتائج.
3 – حيث أن المحكمة الدولية تخضع للارادة الأمريكية كما نُقل عن مصادر فرنسية، فلا بد من تصحيح هذا الأمر محلياً وذلك من خلال لقاء يُعقد بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.
وبانتظار ما يجب أن يحصل لا بد من العمل الحثيث على تبريد هذه الأجواء المشتعلة من خلال تحرك جاد ومن غير إبطاء، تقوم به المعارضة السنية. تحرك يطرح القضايا الحساسة التي ساهمت في تأزيم الجو الداخلي، تحرك يعمل على طرح محاكمة شهود الزور والعمل الضاغط من أجل محاكمة هؤلاء في أسرع ما يمكن، ومن غير إبطاء، حتى من دون انتظار مطالعة وزير العدل في هذا الشأن. إن تحركاً جاداً من قبل المعارضة السنية سوف يساهم جدياً في تبريد الأجواء وسوف تجعل حزب الله ينكفىء لأن هناك في الساحة من يقوم بالعمل الذي يجب أن يُقام به.
إن الحفاظ على الوحدة الداخلية ضروري حتى نمنع العدو الاسرائيلي من حرية الحركة داخل ساحتنا. كما أن السلم الأهلي هو أهم عامل يمنع العدوان الاسرائيلي على بلدنا. إن مسألة تفريغ المحكمة الدولية من مفاعيلها المدمرة لوحدة المجتمع اللبناني ليست مهمة حزب الله وحده، بل مهمة جميع الغيورين على لبنان ومقاومته، وعلى رأسهم المعارضة السنية. هل يتم هذا التحرك؟ أليس الصبح بقريب؟
17 أيلول 2010 حسن ملاط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق