مصر: الثورة والثورة المضادة
حسن ملاط
مقدمة
تمكنت مجموعات من شباب مصر من الذين لم تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً من قيادة ثورة من الثورات الكبرى. ثورة لا تقل أهمية عن ثورة أوكتوبر البشفية في روسيا أو الثورة الإسلامية في إيران. ولا نبالغ فيما ذهبنا إليه وذلك لأهمية مصر في محيطها الإفريقي والعربي والإسلامي. مصر ذات الثلاثة وثمانين مليوناً التي تصدت خلال تاريخها للمغول وهزمتهم؛ كما أنها هزمت الغزو الأوروبي لبلادنا أكثر من مرة أيام الحروب الصليبية. من هنا لا بد لنا من أن نبارك لأهل مصر شبابها وثورتها كما ونبارك لأنفسنا هذا الإنجاز الغير مسبوق، والذي نتمنى أن يواصل تطوره في الإتجاه الإيجابي.
ماذا يقول هؤلاء الشباب عن أنفسهم؟
يقول هؤلاء الشباب عن أنفسهم: نحن مجموعة من الشباب المصري من مختلف الأعمار والاتجاهات، تجمعنا على مدار عام كامل منذ أن تجدد الأمل يوم 6 أبريل 2008 في إمكانية حدوث عمل جماعي في مصر يساهم فيه الشباب مع كافة فئات وطبقات المجتمع في كافة أنحاء الوطن من أجل الخروج به من أزمته والوصول به لمستقبل ديمقراطي، يتجاوز حالة انسداد الآفاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يقف عندها الوطن الآن.
لم يأت أغلبنا من خلفية سياسية ما، ولم يمارس أغلبنا العمل السياسي أو العمل العام قبل 6 أبريل 2008، ولكننا استطعنا ضبط بوصلتنا وتحديد اتجاهنا من خلال الممارسة أثناء ذلك العام.
ماذا نريد؟ نريد أن نصل إلى ما اتفق عليه كافة المفكرين المصريين وأقرته كافة القوى السياسية الوطنية من ضرورة مرور مصر بفترة انتقاليه، يكون فيها الحكم لأحد الشخصيات العامة التي يتم التوافق عليها من أجل صالح هذا الوطن وكرامته ويتم إرساء مبادئ الحكم الديمقراطي الرشيد، ومن أهم ملامح تلك الفترة إطلاق الحريات العامة وقواعد الممارسة السياسية الديمقراطية السليمة، وأن تتكون الكيانات السياسية والاجتماعية وغيرها بمجرد الإخطار.
كيف يحدث ذلك؟ عن طريق السير في مسارين متوازيين لا يمكن الاستغناء عن أحدهما: أولهما هو البحث الجيد عن البديل الذي تعمد الحكم السلطوي تغييبه على مدار سنوات طويلة ليمثل رأس الحربة في معركة التحول الديمقراطي في مصر، وثانيهما هو إعادة الثقة إلى الجماهير المصرية في كل مكان في إمكانية اختيار مصيرها وحثها على المشاركة في تحديد ذلك المصير بكل الوسائل، وتنتهج الحركة عموماً طريق المقاومة السلمية واستراتيجيات حرب اللاعنف، ولا نرى مانعاً من المرونة والتنوع على مستوى التكتيكات بين ما هو جذري وما هو إصلاحي لتحقيق الهدف النهائي وهو التغيير السلمي.
الثورة
بدأت التحركات المتواصلة التي قادها شباب الفايسبوك والتويتر في 25 من يناير كانون الثاني ولا تزال مستمرة حتى الآن. وقد تمكنت هذه التحركات من إنزال ما يزيد على ثمانية ملايين إنسان يوم الجمعة التي أعقبها تنحي الطاغية. وقد تمكنت هذه التحركات (الثورة) من تحقيق العديد من الإنجازات. إنجازات منها ما هو تاريخي ومنها ما هو راهن.
1 – الإنجاز التاريخي الأول هو كسر حاجز الخوف من الطاغية ومن زبانيته. إن كسر هذا الحاجز هو الذي أدى بالتحرك المتواضع إلى أن يصبح مليونياً.
2 – الإنجاز التاريخي الثاني هو أن المجتمع قد تجاوز نظرية الحزب القائد التي كانت تسود جميع المجموعات أو الأحزاب "الثورية".
3 - وكذلك لا يمكننا القول من الآن فصاعداً أن الفكر "الثوري" يحمل الميزات التي تنطبق على مقاسات معينة. إن كل فكر يؤمن حركة الجماهير باتجاه تغيير المجتمع هو فكر ثوري، بغض النظر عن صاحب هذا الفكر أو مرجعيته.
4 – إن التطور التكنولوجي يفرض علينا في العلوم الإجتماعية والسياسية تطوراً في نظريات هذه العلوم سيتم مستقبلاً تقنينها.
5 – النضال في عصر العولمة النيوليبيرالية مختلف عن العصور السابقة من حيث الأدوات والأساليب.
أما الإنجازات ذات الطابع الراهن فهي تمكن هذه الثورة من فرض الأمور التالية. أ – تنحي الطاغية ونائبه المعين من قبله. ب – إجبار الحكام العسكريين من وقف العمل في الدستور.
ج – حل مجلس الشعب د – حل مجلس الشورى
أما المطالب التي رفعتها الثورة. "فقد رحبت قيادات الثورة الشعبية المصرية وقوى سياسية أخرى بأولى خطوات المجلس العسكري الأعلى نحو الانتقال إلى الديمقراطية، ومنها حل مجلسي الشعب والشورى، وتجميد الدستور. لكن تلك القيادات والقوى الأخرى تلح في المقابل على إلغاء الطوارئ، وإطلاق المعتقلين بما يحقق كل المطالب الأساسية للثورة".
وقد طلب المجلس العسكري إخلاء ميدان التحرير.ولكن يتشبث بضع مئات بالبقاء. وقال محمد صلاح وهو محتج رفض إزالة خيمته: "لن أبرح الميدان. على جثتي. أنا أثق بالجيش لكنني لا أثق بمن يسيطرون على الجيش وراء الكواليس".
لكن جهاد لبان، وهو محاسب، رأى أنه لا يزال هناك جهد كبير مطلوب لضمان عدم إهدار مكاسب الثورة. وقال: "لم يكن الهدف هو التخلص من مبارك. النظام بكامله فاسد، ولن نذهب قبل أن نرى إصلاحات حقيقية. سوف أدفن في التحرير. أنا هناك من أجل أبنائي. مصر غالية جداً لا يمكن التخلي عنها الآن".
وعلق الزعيم المعارض أيمن نور الذي ترشح ضد مبارك في الانتخابات الرئاسية عام 2005 بأن هذا انتصار للثورة، وما أعلنه الجيش لا بد أن يكون لبى تطلعات المحتجين.
وقال محمود نصار، وهو من قادة حركة الشباب إن الجيش نفذ جزءاً كبيراً من مطالب الشعب. ودعاه إلى الإفراج عن جميع السجناء السياسيين الذين اعتقلوا قبل "ثورة 25 يناير" وبعدها، "وعندها فقط سنوقف الاحتجاجات".
وحض الاصلاحي البارز الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الجيش على اشراك مدنيين في العملية الانتقالية. وقال لشبكة "سي ان ان" الاميركية للتلفزيون: "نريد مشاركة كثيفة للمدنيين... لا يمكن ان يكون الجيش هو الذي يدير العرض".
وحاولت مجموعة أخرى من رجال الشرطة الانضمام الى المتظاهرين المدنيين الذين كانوا لا يزالون يعتصمون في ميدان التحرير، وحملوا وروداً في اشارة الى تضامنهم مع المتظاهرين، وهتفوا "الشرطة والشعب يد واحدة". الا ان المتظاهرين استقبلوهم بالشتائم والضرب بالايدي.
ونفذ عمال من وزارتي الثقافة والصحة احتجاجات عبروا فيها عن غضبهم بعد ثلاثة عقود من القوانين التي منعت المعارضة.
واحتج موظفو بعض المصارف الحكومية مطالبين بزيادة رواتبهم، وهو ما دفع المصرف المركزي الى اعلان يوم عطلة مصرفية اليوم. وستكون المصارف مقفلة غداً أيضا في عطلة رسمية في مناسبة المولد النبوي.
وفي إطار ردود الفعل على قرارات المجلس العسكري, دعت جماعة الإخوان المسلمين المصرية أمس المجلس إلى الإفراج فوراً عن كل المعتقلين الذين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة، وإصدار عفو عام عن كل السجناء السياسيين، وإلغاء حالة الطوارئ. وحدد البيان ستة إجراءات قال إن إصدارها لا يحتاج لوقت، وهي الإفراج الفوري عن كل المعتقلين بسبب اشتراكهم فى المظاهرات حسب الوعد بعدم ملاحقتهم أو المساس بهم، وإصدار عفو عام عن كل المسجونين السياسيين بمقتضى أحكام صادرة من محاكم استئنائية.
ومن بين تلك الإجراءات كذلك إلغاء حالة الطوارئ في البلاد أو تحديد أجل قريب لإلغائها، وإطلاق الحريات العامة، والإسراع بتشكيل وزارة جديدة من ذوي الكفاءة والأمانة المقبولين لدى الشعب، وكشف حالات الفساد وإحالتها للتحقيق، والإسراع في التحقيق مع المعتدين على المتظاهرين وفي الجرائم التي ارتكبها جهاز مباحث أمن الدولة.
وأضاف البيان أن من شأن التعجيل بتنفيذ تلك الإجراءات، أو تحديد موعد زمني بذلك أن يطمئن الشعب ويعمق الثقة بينه وبين الجيش.
وانتقلت الاحتجاجات المطلبية من القطاع الخاص إلى القطاع العام، الذي يضم 5.7 ملايين موظف، حيث يطالب العاملون فيه بزيادة أجورهم. وأكدت الجماعة على ضرورة الشروع في خطوات الإصلاح بإجراء انتخابات برلمانية "نزيهة" وتحت إشراف قضائي كامل.
ودفعت إضرابات للعاملين في القطاع المالي البنك المركزي إلى الإعلان عن غلق البنوك المملوكة للدولة اليوم الاثنين. وطالب محتجون في القاهرة والإسكندرية أمس بإقالة عدد من مديري البنوك وشركات التأمين الحكومية متهمين إياهم بالضلوع في الفساد.
وبدأت الاحتجاجات المطلبية حتى قبل سقوط مبارك، حيث نظمت سلسلة من الإضرابات في عدد من المؤسسات الكبرى بما فيها معامل غزل النسيج في المحلة.
تواصلت في محافظة الإسكندرية شمالي مصر لليوم الثاني على التوالي الاعتصامات والاحتجاجات والمظاهرات المطالبة بتحسين الأحوال المعيشية وزيادة الرواتب داخل مختلف القطاعات الخدمية والصناعية.
وشارك في المظاهرات عشرات الآلاف من العمال والموظفين الذين تنوعت مطالبهم بين استبعاد بعض القيادات وتغيير الرؤساء وتثبيت العمالة المؤقتة ورفع الأجور والحصول على الحوافز وتحسين ظروف العمل.
وبلغ عدد الاحتجاجات التي شهدتها المحافظة اليوم أكثر من 25 احتجاجاً واعتصاماً، كان أبرزها اعتصام ضباط وأمناء الشرطة وعمال شركات الغزل والنسيج والتعليم والبترول.
جاء في جريدة "السفير" اللبنانية: بدت مصر، في اليوم الثالث لمرحلة ما بعد الرئيس المخلوع حسني مبارك، مقبلة على انتقال سلس من الحكم العسكري الانتقالي إلى السلطة المدنية الديموقراطية، بعدما أشاعت مواقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة ارتياحاً واسعاً لدى قوى المعارضة، سواء في تأكيده، خلال لقاء مع مجموعة من شباب «ثورة 25 يناير»، بأن المرحلة الانتقالية لن تكون طويلة، وأنها قد تنتهي خلال أسابيع وليس خلال أشهر، أو في اختياره المستشار القضائي البارز طارق البشري، وهو من الشخصيات القريبة من المعارضة، رئيساً للجنة القانونية المكلفة إعداد دستور جديد للبلاد.
وباستثناء بعض التحركات الشبابية والقطاعية التي شهدتها شوارع القاهرة وعدد من المدن المصرية، أمس، بدا أن حياة المصريين مستمرة في العودة إلى طبيعتها، وخصوصاً في ميدان التحرير، رمز «ثورة 25 يناير»، في ما وصفته مصادر في القاهرة بأنه بادرة حسن نية من شباب الثورة تجاه الحكم العسكري الانتقالي، وهو ما عبر عنه ائتلاف شباب الثورة الذي أكد أنه «لا تزال هناك خطوات ينبغي تحقيقها» في مسيرة التغيير، وأن الضمانة الوحيدة لتحقيق الأهداف تكمن في «استمرار الثورة وبقاء الجماهير متأهبة»، مع مواصلة الحوار مع الجيش.
وفي أول لقاء بين مجموعة من ائتلاف «شباب ثورة 25 يناير» وقيادات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أبلغ اثنان من قادة المجلس بأن المؤسسة العسكرية تأمل في الانتهاء من صياغة التعديلات الدستورية خلال الأيام العشرة المقبلة، مشددين على ان الفترة الانتقالية لن تطول، وأن الاستفتاء على التعديلات الدستورية قد يتم في غضون شهرين.
وقال الناشط وائل غنيم، في صفحته على موقع «فيسبوك»، انه وسبعة ناشطين آخرين التقوا مع اثنين من أعضاء المجلس العسكري، هما اللواء محمود حجازي والفتاح قدسية. ونقل غنيم عن المسؤولين العسكريين قولهما إن اللجنة الخاصة المكلفة بإعداد التعديلات الدستورية ستنتهي من صياغتها خلال عشرة أيام، وأن المجلس العسكري يعتزم إجراء استفتاء على هذه التعديلات خلال شهرين، الأمر الذي يمهد السبيل لإجراء انتخابات ديموقراطية.
وقال غنيم إن المسؤولين العسكريين أكدا لوفد الشباب أن السبب الوحيد لتسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحكم في مصر كان من اجل حماية المطالب المشروعة لـ«ثورة 25 يناير». وأضاف أن قيادات المجلس شددت على أهمية ملاحقة الفاسدين، مهما كانت مناصبهم السابقة أو الحالية، وأنه لا بد من تشجيع الجيش للشباب من أجل البدء في اتخاذ خطوات جدية لإنشاء أحزاب تعبر عن أفكارهم وآرائهم، وأن الجيش سيكون ضامنا للتحول الديموقراطي وحماية الديمقراطية، وأنه لن يتدخل بأي شكل من الأشكال في العملية السياسية، مع التأكيد على محاسبة كل من ثبت تورطه في استشهاد أو إصابة المتظاهرين.
بدوره، قال الناشط زياد العليمي، وهو أحد ممثلي «ائتلاف شباب الثورة»، إن «وفدا من المكتب التنفيذي للائتلاف، يضم احمد ماهر وخالد السيد ومحمود سامي وعبد الرحمن سمير ووائل غنيم وأسماء محفوظ وعمرو سلامة ومحمد عباس، التقى قيادة الجيش التي طلبت من الائتلاف ان يقدم مطالبه مكتوبة خلال لقاء آخر قبل نهاية الأسبوع».
وأشار العليمي إلى أن «أهم مطالبنا التي سنطرحها خلال اللقاء المقبل مع قيادة الجيش، يوم الأربعاء على الأرجح، هي تغيير الحكومة وتعيين حكومة إنقاذ وطني من التكنوقراط خلال المرحلة الانتقالية، وإلغاء قانون الطوارئ، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، وإطلاق الحريات السياسية وعلى رأسها حرية تكوين الأحزاب والنقابات».
وقال مصدر مقرب من ائتلاف «ثورة 25 يناير» لـ«السفير» إن شباب الثورة، وفي «بادرة حسن نية» تجاه المجلس العسكري الحاكم، بعد سلسلة «القرارات الإيجابية» التي أصدروا، بدأوا بـ«تسهيل الحركة في شوارع القاهرة وباقي المدن، وذلك بهدف منح الحوار مع السلطة القائمة مزيداً من الوقت باتجاه تحقيق باقي مطالب الثورة»، لكنه أوضح أن تراجع حركة الاحتجاج في الشارع «لا يعني أن الثورة انتهت».
وأشار الى أنّ «ما يجري حالياً هو إعادة تنظيم لأشكال التحرك، بانتظار ما ستسفر عنه جلسات الحوار»، مضيفاً أن «تحركات شباب الثورة خلال الفترة المقبلة ستتخذ شكل مسيرات مليونية كل يوم جمعة احتفالاً بالانتصار من جهة، ومتابعة لتنفيذ المطالب من جهة ثانية».
وأوضح زياد العليمي احد ممثلي "ائتلاف شباب 25 يناير" المشارك في الانتفاضة ان "وفداً من المكتب التنفيذي للائتلاف يضم احمد ماهر وخالد السيد ومحمود سامي وعبد الرحمن سمير ووائل غنيم واسماء محفوظ وعمرو سلامة ومحمد عباس، التقى الاحد قيادة الجيش التي طلبت من الائتلاف ان يقدم مطالبه مكتوبة خلال لقاء آخر قبل نهاية الاسبوع". وقال ان قيادة الجيش اكدت لوفد ائتلاف الشباب "أنها ستجري تعديلات دستورية وانتخابات تشريعية خلال اربعة شهور"، مضيفاً أن "اهم مطالبنا التي سنطرحها خلال اللقاء المقبل مع قيادة الجيش الأربعاء على الأرجح، هو تغيير الحكومة وتعيين حكومة إنقاذ وطني من التكنوقراط خلال المرحلة الإنتقالية، وإلغاء قانون الطوارئ، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، وإطلاق الحريات السياسية وعلى رأسها حرية تكوين الأحزاب والنقابات".
وافاد وائل وعمر أن الجيش تعهد أن "يقوم بالبحث عن المفقودين كافة من المتظاهرين اثناء ثورة 25 يناير" وأنه "في انتظار قائمة نهائية سنرسلها غداً. وأشارا الى "تأكيد الجيش محاسبة كل من ثبت تواطؤه في استشهاد او إصابة المتظاهرين" وأنه "أكد ان هناك أكثر من 77 معتقلاً تم القبض عليهم لمشاركتهم في موقعة الجمل في ميدان التحرير" الأربعاء 2 شباط التي هاجم خلالها أنصار مبارك المحتجين بالحجار والقنابل الحارقة في صدامات أوقعت 11 قتيلاً على الأقل ونحو ألف جريح.
وفي مؤتمر صحافي، قال "ائتلاف شباب الثورة" الذي ينتمي إليه المتحاورون مع الجيش، إن "خطوة كبيرة على طريق استعادة الوطن" تحققت، ولكن "لا تزال أمامنا خطوات أخرى" يجب تحقيقها، وأن "ضمانتها الوحيدة استمرار الثورة وبقاء الجماهير متأهبة"، بالتوازي مع مواصلة الحوار مع القوات المسلحة.
صاعدت حدة الإحتجاجات بشكل كبير فى جامعة الفيوم المصرية لليوم الثانى على التوالى مطالبة بإقالة رئيس الجامعة د. أحمد الجوهري وأمينها العام صالح جمعة بدعوى تورطهما في الفساد والمحسوبية. في حين أعلن نائب الحزب الوطنى بالمحافظة سيد عبد الواحد عبد السلام اعتزاله العمل السياسى نهائيا واستقالته من الحزب.
وقام أكثر من ألفي موظف بمحاصرة مبنى إدارة الجامعة ثم انضم إليهم عشرات الأساتذة متضامنين معهم في إقالة الرئيس والأمين العام فضلاً عن المطالبة بتحسين رواتبهم وأحوالهم المعيشية، وانتقاد سوء العلاقة بين الأساتذة والإدارة بسبب محاباة الأخيرة لأساتذة دون آخرين.
كما طالب عشرات الأساتذة بالسماح للمنتقبات من أساتذة الجامعة بالعودة إلى التدريس مرة أخرى.
وكان مثيراً أن ينضم إلى المظاهرة عشرات العاملين في أمن الجامعة مطالبين بنقلهم إلى أعمال إدارية بعد أن تشوهت صورتهم في أوساط الجامعة، ملقين بالمسؤولية في ذلك على جهاز أمن الدولة.
وقد رفضت جموع المحتجين بشكل قاطع الإستجابة لأي عروض من رئيس الجامعة بالتفاوض، مؤكدين إصرارهم على ذلك "طالما ظل الفساد والمفسدون هم الذين يحكمون الجامعة ويتحكمون فى قراراتها".
قالت حركة 25 يناير في بيانها إن المشروعية العليا للدولة نشأت من ثورة الـ25 يناير، ولم تعد مستمدة من الدستور القديم الذي ألغي.
وأضافت أن هذه المشروعية الجديدة تقتضي إدارة شؤون البلاد بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة بطريقة الإشراف والمتابعة والرقابة.
وطالب البيان المجلس العسكري بإصدار إعلان دستوري مؤقت ينظم المرحلة الانتقالية، ويتضمن مطالب من بينها:
- وضع دستور جديد للبلاد يمهد لجمهورية برلمانية، ويقلص صلاحيات الرئيس، ويفصل بين السلطات، وينظم الانتخابات.
- وإعادة تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية في غضون شهر كحد أقصى.
- إلغاء حالة الطوارئ والمحاكم الاستثنائية والأحكام العرفية.
- إطلاق حق تكوين الجمعيات والنقابات وإصدار الصحف، وإنشاء وسائل إعلام أخرى بلا قيود.
- الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين قبل وبعد الخامس والعشرين من يناير.
- حل الحزب الوطني وتسليم جميع مقراته وأمواله للدولة.
- إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، وإلغاء توجيه المجندين لقطاع الأمن المركزي.
- إلغاء قانون الأحزاب في غضون عشرة أيام، ووضع قانون جديد خلال شهر.
- تنفيذ كافة الأحكام القضائية التي صدرت في الفترة السابقة.
- حل كافة المجالس المحلية، وعدم السماح لمن شارك في الحكومة الانتقالية بالترشح في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المقبلة.
كيف تم التعامل مع الثوار خلال الثورة؟
هناك القليل من المعلومات عن هذا الموضوع. ولكن علينا التفكير بأن إطعام مئات الآلاف من المعتصمين في ميدان التحرير ليس بالأمر السهل. إنما يستدعي الكثير من التنظيم. من قام بذلك؟ لانعلم.
في الإسكندرية تم الحديث عن لجان شعبية كانت تقوم بالإشراف على حركة الناس وعلى حماية الأحياء. وكذلك تم ذلك في القاهرة بعد هجوم مختلف أنواع الأجهزة المرتبطة بالطاغية، من دون أن ننسى هجوم البلطجية المرتبطين بالنظام.
أما في السويس لم يكن غريباً على الشيخ حافظ سلامة، الذي قاد المقاومة الشعبية ضد الإحتلال الإنكليزي في شبابه أن يشكل وينظم مجموعات اللجان الشعبية، لحماية منشآت السويس بعد هروب الشرطة، حيث قام بتجميع الشباب وصنع منهم دروعاً بشرية لحماية الممتلكات العامة من النهب والسرقة، ونظم صفوف العمل بين الشباب لحماية الشوارع والمنازل بعدما انطلقت فلول البلطجية على الأهالي في مساكنهم ومحلاتهم التجارية.
وقد كان الشيخ حافظ سلامة لعب دوراً هاماً في أحداث الثغرة (الدفرسوار) التي اجتاحت على أثرها القوات الإسرائيلية مدينة السويس سنة 1973 حيث تعرضت المدينة لحصار شديد من القوات الإسرائيلية وقصف مستمر من الطائرات وتقدمت إلى المدينة 200 دبابة وكتيبة من جنود المظلات وكتيبتان من جنود المشاة بعربات مدرعة قاد خلالها الشيخ حافظ سلامة أعمال المقاومة بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه في احتلال السويس.
أما في الأحداث الأخيرة، فقد استغل الشيخ العجوز علاقاته بتجار السويس والمحافظات المجاورة وتمكن من تجميع خمسة أطنان من الدقيق لمخابز السويس بعد اختفاء الخبز بأوامر من محافظ السويس لمسؤولي التموين بوقف ضخ الدقيق للمخابز، لإحداث أزمة تهدف لقمع المتظاهرين، وشكل سلامة من أبناء السويس مجموعات لتوزيع الخبز مجاناً على المناطق المتطرفة بالمدينة في "عرب الدبور" و"القطاع الريفي"، وقام بتوفير كميات من البطاطس والطماطم والخضراوات بأسعار من جنيهين وجنيهين ونصف، لمواجهة جشع بعض التجار. وقد شهدت منطقتي السلام وفيصل بالمدينة جهوداً شعبية كبيرة وتم فتح المخابز المغلقة.
لن نعلم الكثير عن الثورة قبل مرور بعض الوقت. ولكن الملاحظ أن الشباب مصرين على الحفاظ على ثورتهم وانتصارها.
الثورة المضادة
أصدر الرئيس حسني مبارك، قبل تنحيه، قراراً بتسليم الحكم للجنة العسكرية التي يقودها وزير الدفاع الذي يبلغ السادية والسبعين من عمره. أي أن وزير الدفاع كان في السادسة والأربعين عندما تسلم الحكم الطاغية حسني مبارك الذي اضطهد عبدالحليم أبو غزالة وسجنه. هذا الضابط المعروف بوطنيته وحبه لمصر. إذن علاقة الطنطاوي بحسني مبارك كانت جيدة، أي يمكن الشك بوطنية الطنطاوي. أما باقي الضباط فهم أصغر أعماراً. أي تربوا تحت المظلة الأمريكية الإسرائيلية. لذلك يمكننا الإستنتاج أن اللجنة العسكرية التي تسيطر على الدولة في مصر هي التي تمثل الثورة المضادة. وهي بطبيعة مصالحها فهي ضد الإصلاح لأنها تعيش على الفساد.
جاء في "الجزيرة نت": كتب جايسون ديتز على موقع "أنتي وور" الذي اشتهر بمناهضته للحروب، ليؤكد أن الجيش المصري يمتلك العديد من الأصول الإقتصادية مما سمح لقادته بتكوين ثروات هائلة ربما تفوق ما جمعه الرئيس حسني مبارك الذي تنحى تحت وطأة ثورة شعبية.
وفي الأيام الأخيرة تحدثت تقارير عن بلوغ ثروة الرئيس المخلوع نحو سبعين مليار دولار، وهو ما يبين وفقاً لديتز "لماذا كان مثل هذا الديكتاتور العجوز مقاوماً شديداً للتغيير".
وأضاف الكاتب أن ما شهدته مصر الأيام الماضية يؤكد أن الأوضاع التي كانت تعيشها البلاد هي التي سمحت للرئيس بأن يسرق واحدة من أكبر الثروات الشخصية في العالم.
لكن المثير أن ديتز يقول إن الأوضاع التي سمحت لمبارك بجمع هذه الثروة ربما تكون موجودة داخل الجيش الذي يسيطر على السلطة حالياً، حيث إنه يسيطر على عدد من نواحي الإقتصاد كما أنه يمتلك أصولاً ربما تكون أكبر مما امتلكه الرئيس المخلوع.
وبالتالي وفقاً للكاتب، فإن الإصلاحات المنشودة ربما تعرض للخطر مصالح الجيش وقدرة قادته على جمع الثروات.
ويلفت إلى أن النخبة العسكرية المصرية تختلف كثيراً عن نحو نصف مليون من المجندين يتقاضون أجوراً زهيدة، حيث سعت هذه النخبة بعد التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل عام 1979 إلى تبرير حجمها الضخم بالتحول لإنتاج الأسلحة فضلاً عن إنتاج مستلزمات الجيش.
ويضيف أنه مع مرور الوقت، توسعت هذه المصانع والمزارع المعفاة من الضرائب والرسوم، وأصبح الجيش على سبيل المثال أحد أكبر المنتجين في المنطقة للمياه العذبة المعبأة في زجاجات، فضلاً عن تدبير نحو 20% من احتياجاته الغذائية وتصنيع العديد من الأجهزة وحتى السيارات.
وفي مناخ من الفوضى لا يعرف أحد حقاً حقيقة حجم العسكرية المصرية وممتلكاتها الصناعية حيث إن هذه أمور "خارج الميزانية" كما أن أرباحها لا تظهر للجمهور حتى على حدها الأدنى، لكن المؤكد أن هذه الأوضاع وفرت ثروات كبيرة لقادة الجيش فضلاً عن حصول كبار الضباط على العديد من العقارات الفخمة.
ويختم الكاتب بأنه بينما يستعد المجلس العسكري الحاكم لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المتظاهرين وخصوصاً أعضاء النقابات الذين أضربوا من أجل تحقيق مطالبهم، فإن هناك مخاوف من أن قادة الجيش قد يشعرون أن ثرواتهم ستكون مهددة حال قيادة البلاد نحو إصلاحات وحرية حقيقية.
من هنا إصرار اللجنة العسكرية على إخلاء ميدان التحرير من المتظاهرين، حتى إن اضطروا لإستعمال العنف. فالثوار لا يأخذون أي مطلب من هذه اللجنة إلا بعد الكثير من الضغوطات. فهي سوف تظل تتباطأ بتحقيق مطالب الثورة لأن هذه المطالب تتناقض مع مصالحهم التي تقوم على النهب الذي مارسوه أيام الطاغية. ولن يتخلوا عنه لوجه الله.
لا تزال الثورة المضادة قوية، وسوف لن تستسلم إلا إذا أجبرت على ذلك. ولكن مطالب الثورة تتسم بكثير من الوعي والإصرار.
15 فبراير شباط 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق