بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

السبت، 23 أبريل 2011

إتجاهات الوضع الحكومي في لبنان
مر ثلاثة أشهر على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة العتيدة، ولكنها لم تتشكل بعد. وكثير من الأطراف لا يزعجهم عدم تشكيل الحكومة. والبعض الآخر يغتبط لعدم تشكيلها، ولكنه يوحي للآخرين أنه يضغط باتجاه تشكيلها. والطرف الأخير هو الذي يريد أن لا تتشكل الحكومة، حتى يقول أن عدم وجوده في السلطة هو المانع من تشكيل الحكومة. أو بصيغة أخرى، ما من أحد غيره يمكنه تشكيل حكومة في لبنان.
ما هي المواقف الحقيقية للأطراف اللبنانية من تشكيل الحكومة الجديدة؟
1 – نبدأ من تيار المستقبل، فهو يحمل رغبة متناقضة. فهو يعتقد أن عدم تشكيل الحكومة سوف يقلل من صدقية قوى الثامن من آذار عند محازبيهم. لذلك لا يريد أن تُشكل الحكومة. ومن جهة ثانية يعلم أن الحكومة العتيدة إذا شُكلت في هذا الوقت بالذات، لن تكون حكومة طويلة العمر، لأن الإتجاهات الإقليمية غير واضحة المعالم من حيث اتجاه تطورها. فهو يريد أن تُشكل حتى يُحضر نفسه لوراثتها سريعاً. أما إذا لم يتم تشكيلها، فإن التشكيل المتأني سوف يكون لصالح الرئيس ميقاتي بحيث أن عمر الحكومة سوف يكون مديداً. لذلك فتيار المستقبل لا يعلم ما هو الموقف الذي عليه الإلتزام به. أما عن شكل الحكومة، فهو لا يمكنه الركون إلى شكل محدد، حيث أن حكومة تكنوقراط هي الحكومة الملائمة للرئيس ميقاتي، بحيث أنها سوف تكون حكومة منتجة من جميع النواحي. فالأمور المعيشية والإجتماعية ضاغطة بشكل لا يمكن أي طرف سياسي من تحمل نتائج سلبية لهذا الوضع. وما يريح السياسيين هو تحميل تبعة هذا الوضع لحكومة لا سياسية. ومن جهة أخرى فإن حكومة لا سياسية تمكن أعضاءها من أخذ القرار العلمي من دون خوف أو وجل على مستقبلهم السياسي لأنها حكومة غير سياسية.
2 – أطراف الثامن من آذار، نحن نميل إلى أن حزب الله وحركة أمل يتساوى عندهما الرغبة وعدم الرغبة في تشكيل الحكومة. فإذا كانت القضية المركزية هي الحفاظ على سلاح المقاومة، فما من أحد يمكنه التأثير على سلاح المقاومة. كما أنهما على يقين أنه في حال عدم تشكيل الحكومة من قبل الرئيس ميقاتي وعاد الحريري إلى الحكم (وهذا يكاد يكون مستحيلاً) فليس لديه خيار إلا تشريع سلاح المقاومة. ولكن حزب الله يعلم أن (بيضة القبان) في الحفاظ على سلاح المقاومة هو الوضع الإقليمي، وليس الوضع المحلي. إن تطور الأوضاع الإقليمية لم تصبح، حتى الآن، ضاغطة على الوضع اللبناني، ولكن لا يمكن التنبؤ باتجاهها في وضع معقد تعيشه الساحات العربية. من هنا نرى أن هذه النقطة بالتحديد هي التي يمكن أن تضغط على الحزب باتجاه العمل على تشكيل الحكومة سريعاً. ولكن حيث أن حكومة سياسية (من لون واحد) لا يمكنها أن تغطي حزب الله عند أطراف المجتمع الدولي (وهو من دون فعالية عند حزب الله في الوقت الراهن)، هذا ما يمكن أن يطرح التفكير بحكومة تكنوقراط. فحكومة كهذه لا يتمكن المجتمع الدولي من الضغط عليها لأنها عملياً من دون تغطية سياسية. أعتقد أن حكومة تكنوقراط هي الحكومة التي تريح حزب الله والمقاومة في هذه المرحلة الرمادية بكل ما في الكلمة من معنى.
أما عون والتيار الوطني الحر، فهو يعتقد أن حكومة تكنوقراط هي حكومة تسووية، لذلك فهو لا يقبل بها. فهو يريد حكومة سياسية تترجم انتصار أطراف الثامن من آذار على خصومهم السياسيين. أما عون، فخصومه السياسيون تتسع دائرتهم حتى تبلغ الرئيس ميشال سليمان. وحكومة تكنوقراط سوف تريح الرئيسين سليمان وميقاتي، وبالتالي لا مصلحة لعون بهكذا حكومة.
ما هو المتوقع حصوله؟
هناك احتمالان، الأول هو أن تراوح الأمور في مكانها حتى تتوضح الصورة الإقليمية. وهذا يمكن أن يفرض العودة إلى دعوة حكومة تصريف الأعمال إلى الإنعقاد حتى تتمكن من حل أمور المواطنين المتراكمة، والتي لا يمكن تأجيلها إلى ما شاء الله. إن حركة كهذه سوف تأكل من رصيد أطراف الثامن من آذار.
اما الإحتمال الثاني، فهو تشكيل حكومة (بمن حضر) أي حكومة تكنوقراط لا تحظى بموافقة جميع الأطراف، ولكن تكون حلاً لأزمة لا يمكن استكشاف آفاقها بشكل جلي. وبالتالي تكون حكومة مؤقتة يتم الإستغناء عنها عندما تتوضح الأمور الإقليمية أكثر. نحن نعتقد ان حكومة كهذه يمكنها التعامل مع جميع الأمور أو المشكلات التي يمكنها أن تُطرح من قبل المجتمع الدولي من دون أن تُحمل الأطراف السياسية أية تبعات. كما أنه يمكنها أن تجد الحلول لبعض المشاكل المعقدة (البناء على أملاك الدولة وأملاك الغير).
23 نيسان 2011 حسن ملاط

ليست هناك تعليقات: