بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الجمعة، 28 يناير 2011

حجة الوداع

حجة الوداع
يقول تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.(المائدة 3)
نـزلت هذه الآية يوم الجمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر، والنبيّ صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء.(مشقوقة الأذن).

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا جعفر بن عون قال: أخبرني أبو عميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نـزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، فقال: أيّ آية هي؟ قال:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي" فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نـزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والساعة التي نـزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عَشِيَّة يوم عرفة في يوم جمعة. رواه البخاري عن الحسن بن صباح. ورواه مسلم عن عبد بن حميد، كلاهما عن جعفر بن عون.

أخبرنا الحاكم أبو عبد الرحمن الشاذياخي قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا ابو قتيبة قال: حدثنا حماد عن عمار بن أبي عمار قال: قرأ ابن عباس هذه الآية ومعه يهودي: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا" فقال اليهودي: لو نـزلت هذه الآية علينا في يوم لاتخذناه عيدًا، فقال ابن عباس: فإنها نـزلت في عيدين اتفقا في يوم واحد يوم جمعة وافق ذلك يوم عرفة.
وكانت خطبة الوداع الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم، علم الناس دينهم. وما من أحد سأله إلا أجابه.
سوف نروي الآن ما حصل في ذلك النهار الإستثنائي من حيث أهميته لأمة "لا إله إلا الله".
قال ابن إسحاق:‏ ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حجة، فأرى الناس مناسكهم، وأعلمهم سنن حجهم، وخطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:‏
أيها الناس، إسمعوا قولي، فإني لا أدرى لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلغت، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها.‏
وإن كل ربا موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم، لا تظلمون ولا تُظلمون، قضى الله أنه لا ربا، وإن ربا عباس بن عبدالمطلب موضوع كله.‏
وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان مسترضعاً في بني ليث، فقتلته هذيل، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية.‏
أما بعد‏:‏ أيها الناس، فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبداً، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضى به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم.‏
أيها الناس، إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً، ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله، فيحلوا ما حرم الله، ويحرموا ما أحل الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان‏.‏
أما بعد:‏ أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقاً، ولهن عليكم حقاً، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن، فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف‏.‏
واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمات الله، فاعقلوا أيها الناس قولي، فإني قد بلغت‏.‏
وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، أمراً بيناً، كتاب الله وسنة نبيه.‏
أيها الناس، اسمعوا قولي واعقلوه، تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمن أنفسكم؛ اللهم هل بلغت.‏
فذكر لي أن الناس قالوا:‏ اللهم نعم.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ اللهم اشهد.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن أبيه عباد، قال كان الرجل الذي يصرخ في الناس بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة، ربيعة بن أمية بن خلف قال‏:‏ يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ قل:‏ يا أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:‏ هلا تدرون أي شهر هذا؟‏ فيقول لهم‏:‏ فيقولون:‏ الشهر الحرام، فيقول:‏ قل لهم:‏ إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة شهركم هذا.
ثم يقول‏:‏ قل:‏ يا أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:‏ هل تدرون أي بلد هذا‏؟‏ قال:‏ فيصرخ به، قال:‏ فيقولون:‏ البلد الحرام قال:‏ فيقول:‏ قل لهم:‏ إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم، إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة بلدكم هذا‏.‏
قال:‏ ثم يقول‏:‏ قل:‏ يا أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:‏ هل تدرون أي يوم هذا؟‏ قال‏:‏ فيقوله لهم‏.‏ فيقولون‏:‏ يوم الحج الأكبر، فيقول:‏ قل لهم‏:‏ إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم، إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ حدثني ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب الأشعري عن عمرو بن خارجة قال:‏
بعثني عتاب بن أسيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة، فبلغته، ثم وقفت تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لغامها ليقع على رأسي، فسمعته وهو يقول‏:‏
أيها الناس، إن الله أدى إلى كل ذي حق حقه، وإنه لا تجوز وصية لوارث، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً (حيلة) ولا عدلاً‏.‏
قال ابن إسحاق:‏ وحدثني عبدالله بن أبي نجيح:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف بعرفة قال:‏ هذا الموقف للجبل الذي هو عليه، وكل عرفة موقف.‏ وقال حين وقف على قزح صبيحة المزدلفة‏:‏ هذا الموقف، وكل المزدلفة موقف.‏ ثم لما نحر بالمنحر بمنى، قال:‏ هذا المنحر وكل منى منحر.‏
فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج وقد أراهم مناسكهم، وأعلمهم ما فرض الله عليهم من حجهم:‏ من الموقف، ورمي الجمار، وطواف بالبيت، وما أحل لهم من حجهم:‏ وما حرم عليهم، فكانت حجة البلاغ، وحجة الوداع، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها.‏
أما في كتب الحديث الشريف فقد جاء الكثير عن حجة الوداع. وقد انتقينا الأحاديث التالية التي تُظهر كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد علم الناس ما يجب أن يعلموه.
قال الراوي: عمرو بن الأحوص: أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال أي يوم أحرم، أي يوم أحرم، أي يوم أحرم؟ قال: فقال الناس: يوم الحج الأكبر يا رسول الله. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ولا يجني والد على ولده، ولا ولد على والده، ألا إن المسلم أخو المسلم، فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه، ألا وإن كل ربا في الجاهلية موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون غير ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، ألا وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وأول دم أضع من دم الجاهلية دم الحارث بن عبد المطلب، كان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل. ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان(من كان لها زوج) عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً. ألا وإن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وإن حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي -
إن أهم ما نراه في الحديث هو التأكيد على المسؤولية الفردية، وهذا تطور كبير، أو على الأصح نقلة نوعية من المسؤولية الجماعية (القبيلة أو العشيرة) إلى المسؤولية الفردية.
قال الراوي: حبشي بن جنادة السلولي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع وهو واقف بعرفة أتاه أعرابي فأخذ بطرف ردائه فسأله إياه فأعطاه وذهب؛ فعند ذلك حرمت المسألة (الإستعطاء). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المسألة لا تحل لغني ولا لذي مرة (قوي) سوي إلا لذي فقر مدقع أو غرم مفظع ومن سأل الناس ليثري به ماله كان خموشاً(خدوش) في وجهه يوم القيامة ورضفاً (الحجارة المحمية) يأكله من جهنم ومن شاء فليقل ومن شاء فليكثر. المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي – كم هي المسألة صعبة إلا لمن تتوفر فيه شروط معينة.

قال الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب في حجة الوداع: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله، من أخفر الله (نقض عهده) أكبه الله في النار على وجهه، ليبلغ الشاهد الغائب، فلعله أن يبلغه قوم هم أحفظ ممن سمعه.
المحدث: البزار - المصدر: البحر الزخار –
يظهر أن من سمات الكفر عند النبي عليه السلام أن يضرب الأخوة رقاب بعضهم البعض!.

قال الراوي: أبو أمامة الباهلي: شهدت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع، فقال قولاً كثيراً حسناً جميلاً، وكان فيها: من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين، وله مثل الذي لنا، وعليه مثل الذي علينا، ومن أسلم من المشركين فله أجره، وله مثل الذي لنا، وعليه مثل الذي علينا.
المحدث: ابن جرير الطبري - المصدر: تفسير الطبري -

قال الراوي: جابر بن عبد الله الأنصاري: لما قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في حجة الوداع سأل الناس بماذا أحرمتم فقال أناس أهللنا بالحج وقال آخرون قدمنا متمتعين وقال آخرون أهللنا بإهلالك يا رسول الله فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان قدم ولم يسق هدياً فليحلل فإني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي حتى أكون حلالاً فقال سراقة بن مالك بن جعثم يا رسول الله عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد فقال لا بل لأبد الأبد.
المحدث: الطحاوي - المصدر: شرح مشكل الآثار

قال الراوي: جابر بن عبد الله الأنصاري: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من حجة الوداع وكان آخر خطبة خطبها فيما أعلم فقال من قال لا إله إلا الله لا يخلط معها غيرها وجبت له الجنة فقام إليه علي بن أبي طالب وكان من أحب من قام إليه ذلك اليوم في مسألة فقال بأبي أنت وأمي ما لا يخلط معها غيرها صفه لنا فسره لنا قال حب الدنيا وطلبها ورضاءها واتباعاً لها وقوم يقولون أقاويل الأنبياء ويعملون أعمال الجبابرة فمن قال لا إله إلا الله ليس فيها شيء من هذا وجبت له الجنة
المحدث: ابن عدي
العجب أن الكثير الكثير لا يقبلون من الناس شهادة التوحيد وكأنهم هم المكلفون بمحاسبة الناس على ما في قلوبهم! ثم أضاف عليه السلام ضرورة إنكار عمل الجبابرة لأنه مناقض لعمل الأنبياء.

قال الراوي: أبو أمامة الباهلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة عام حجة الوداع أيها الناس إنه لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم.
المحدث: ابن عدي -
وهنا يبلغنا نبينا عظم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، أنه لا أمة بعدنا، أي أننا نحن الشهداء على الناس. كما وعلينا أن نفعل كما فعل نبينا عليه الصلاة والسلام من إنذار الناس والصبر عليهم.

قال الراوي: أسامة بن شريك: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يخطب وهو يقول: أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك. قال: فجاء قوم فقالوا: يا رسول الله قتلتنا بنو يربوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجني نفس على أخرى، ثم سأله رجل نسي أن يرمي الجمار فقال: ارم ولا حرج، ثم أتاه آخر فقال: يا رسول الله نسيت الطواف، فقال: طف ولا حرج، ثم أتاه آخر حلق قبل أن يذبح، فقال: اذبح ولا حرج. فما سألوه يومئذ عن شيء إلا قال: لا حرج لا حرج. ثم قال: قد أذهب الله الحرج إلا رجل اقترض امرأً مسلماً (قطَعَه بالغِيبة والطّعْنِ عليه ونالَ منه) فذلك الذي حرج وهلك. وقال: ما أنزل الله عز وجل داءً إلا أنزل معه دواء إلا الهرم.
المحدث: ابن حزم - المصدر: حجة الوداع
وهنا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم تحريم الغيبة وكذلك أن يجني أحد على آخر.

قال الراوي: جابر بن عبدالله الأنصاري: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق خطبة الوداع، فقال: يا أيها الناس! إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغت، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فليبلغ الشاهد الغائب، ثم ذكر الحديث في تحريم الدماء والأموال والأعراض.
المحدث: البيهقي - المصدر: شعب الإيمان
يعلم رسول الله الناس أن معيار الأفضلية ليس العرق واللون (لا تمييز عنصري)، إنما التقوى. حتى اليوم لا يزال التمييز العنصري سائداً في جميع دول الغرب. فهم لا يعطون المسلم الوظيفة إلا في حال عدم وجود أوروبي بإمكانه القيام بمقتضيات هذه الوظيفة. والجرم الذي اقترفه طالب الوظيفة هو انتماؤه للإسلام. علماً أن قانون عدم التمييز هم من أقره في الأمم المتحدة. ثم يذكر النبي ما حرم الله علينا.

قال الراوي: سعد بن أبي وقاص: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، قال: قلت يا رسول الله! قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: لا، الثلث والثلث كثير.
المحدث: البيهقي - المصدر: السنن الصغير للبيهقي
كان يحرص نبينا عليه السلام أن يترك المورث لورثته، إن أمكنه ذلك، ما يعينهم على الحياة الكريمة.

عن عبد الله بن عباس قال: كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجة الوداع.
المحدث: ابن عبدالبر - المصدر: التمهيد
أما هنا فيوضح النبي للفتاة أنها يمكنها أن تحج عن أبيها، علماً أنه لم يزجرها، لا هي ولا الفضل بن عباس لأنهما كانا ينظران لبعضهما البعض.

قال الراوي: عبيدالله بن عدي بن الخيار: أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة، فسألاه، فرفع فيهما البصر وخفضه، فرآنا جلدين، فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب.
المحدث: الإمام أحمد - المصدر: الدراية
وهنا لا يبخل الرسول عليه الصلاة والسلام، إنما يحملهما تبعة أو مسؤولية أخذهما الصدقة مع أنهما قويان، أي يمكنها العمل والتكسب.

قالت الراوي أم الحصين الأحمسية: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً كثيراً. ثم سمعته يقول: إن أمر عليكم عبد مجدع ( حسبتها قالت ) أسود، يقودكم بكتاب الله. فاسمعوا له وأطيعوا.
المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم -
وهنا يوضح النبي الذي أرسل رحمة للعالمين أن شرط الطاعة هو العمل بكتاب الله عز وجل، وليس بأي شرط آخر.

ليست هناك تعليقات: