بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأحد، 6 مارس 2011

لبنان.. إلى أين؟
ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. (قرآن كريم)
كان الأولى بالمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى أن يعلن على الملأ أنه لا يريد الميقاتي رئيساً لمجلس الوزراء في لبنان من أن يطلب من الميقاتي الإلتزام ببيان المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الأول بعد تكليف الميقاتي برئاسة مجلس الوزراء، والذي تمنى فيه المجلس، سراً، على الرئيس الميقاتي رفض التكليف كرمى لعيون الرئيس الحريري. أما في الإجتماع الثاني، فقد دعا المجلس "القيادات السياسية المختلفة الى الرقي في الخطاب السياسي والكف عن التنابذ بالالقاب الغريبة عن تقاليدنا وأخلاقنا، والى احترام الرأي المختلف من دون تشويه أو تخوين. كما دعا الى الامتناع عن أي عمل من شأنه إعاقة عمل المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الأبرار، وتعطيل سير العدالة".
اضاف: "يدعو المجلس الشرعي المسؤولين الى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والمعيشية المترتبة عن ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والكسائية، والتي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الأسرة اللبنانية. وتوقف باهتمام كبير أمام مطالب الشعوب في العديد من الدول العربية، مقدراً عالياً تطلعاتها المشروعة لتحقيق الحكم الرشيد وقطع دابر الفساد واحترام حقوق الانسان، وفي مقدمتها حقه في الحرية والكرامة. وحذر من أي تدخل أجنبي في أي بلد عربي تحت أي ذريعة، مؤكداً أهمية احترام مبدأ تداول السلطة بوسائل دستورية وسلمية، متوجهاً بالدعاء الى الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الشهداء الأبرار بواسع رحمته ورضوانه".
هذا ما قاله المجلس، أما نحن فنقول أن ما يفعله هذا المجلس هو كمن يطلب من الرئيس ميقاتي أن يسبح في البحر شريطة أن لا يبتل، علماً أنه لا يحق له استخدام العازل للماء. يريد المجلس من الميقاتي أن يرفض سلاح المقاومة ويؤيد المحكمة الدولية المسيسة على أن لا يدعمه لا المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، وعلى أن لا يدعمه النواب السنة في البرلمان اللبناني. ولماذا الإلتزام من قبل الميقاتي إذا لم يكن هناك التزام من المجلس ومن النواب المسلمين بدعم الميقاتي حتى يحافظ على الموقع الأول للمسلمين في لبنان؟
إلى ما تقدم يريدون من الرئيس الميقاتي الإلتزام بما يتناقض مع معتقداتنا الدينية. علينا جميعاً أن نرفض سلاح حزب الله أي سلاح المقاومة لأن حزب الله لا يريد الرئيس سعد الحريري رئيساً لمجلس الوزراء. هم يريدون من الميقاتي أن يبيع دينه بدنيا غيره. من ذا الذي يقبل بأن يتاجر هكذا؟
رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة وبعد زيارته الرئيس سليم الحص كان له تصريح لافت ذكّر فيه الرئيس ميقاتي باجتماع دار الفتوى والثوابت التي صدرت عنه في حضور الرئيس المكلف الذي "أصبح ملزماً كما قال بهذه النتائج وعلى اساسها يفترض ان يكون من خلال مواقفه وأيضاً من خلال التصريحات التي يدلي بها أن تكون منسجمة مع هذه الثوابت التي عبّر بصراحة عن التزامه بها".
الرئيس الميقاتي ملزم هو وحده من دون أن يشكل التزامه أي إلزام للآخرين. أين الإنصاف بذلك؟
قال الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري "إننا سننزل في 14 آذار لنقول لا للسلاح غير الشرعي الموجه الى صدورنا، وأي سلاح سيكون في مواجهة العدو الاسرائيلي يجب أن يكون تحت إمرة الجيش اللبناني وبالتنسيق معه»، مضيفاً: "إن معركتنا هي مع سلاح حزب الله والباقي بالنسبة لنا هوامش وملحق، فمعركتنا مع هذا السلاح ومع من يريد قبل معرفة القرار الظني، أن يكذبه". ثم أضاف: "لا يمكن أن نعيش في بلد فيه تفلّت للسلاح غير الشرعي، سواء آكان سلاح حزب الله أم أي سلاح آخر». يريد أحمد الحريري ان يقاتل العدو الإسرائيلي من غير سلاح، مشترطاً أن نقضي على السلاح الذي يقاتل إسرائيل. وعلى اللبيب أن يفهم هذه المعادلة. نحن لا نريد أن نأتي بشواهد من السياسيين الإسرائيليين حتى نقول أن ما يطالب به الحريري الثاني والذي يتشابه به مع الحريري الأول يتطابق مع ما يطالب به الإسرائيلي. لا نريد أن نفعل ذلك حتى لا نُتهم بالتحريض. إنما نقول ما هي الشريعة التي تقول بالتخلي عن السلاح بوجود عدو يتربص بنا الدوائر. الله تبارك وتعالى يقول فلا توليهم الأدبار، أما الحريريان فيريدان أن نسلم السلاح. نحن مع طاعة الله عز وجل، غضب من يغضب ورضي من يرضى.
أما في خطابه الشهير في بيت الوسط فقد حاول الحريري أن يقنعنا بأن العمل السياسي في لبنان يختلف عن غيره في هذه المعمورة. قال: "المشكلة هي انكم عندما ندعوكم بعد خسارتكم الانتخابات لشركة حقيقية في حكومة الوحدة الوطنية، تدخلون سلاحكم معكم الى الحكومة، وتضعونه على طاولة مجلس الوزراء، فيصبح كل قرار، خاضعاً لارادتكم وحدكم، والا فالسلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم. المشكلة هي انكم توقعون تعهدات في الدوحة بعدم استخدام السلاح وسيلة للعنف السياسي في الداخل، وبعدم تعطيل جلسة لمجلس الوزراء، ويشهد على توقيعكم امير قطر وقادة عرب والجامعة العربية، ثم تستهلكون نصف عمر الحكومة وانتم تعطلون مجلس الوزراء. تماماً كما وقعتم تعهدات في الدوحة، بأنكم لن تستقيلوا من الحكومة ثم استقلتم، متأكدين ان احداً لن يسائلكم، لان السلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم. المشكلة انكم تطالبون فور استقالتكم باستشارات نيابية عاجلة وطارئة وعندما تكتشفون ان الاكثرية النيابية، التي نتجت عن انتخابات ديموقراطية حملت تكليفاً واضحاً من الناخبين، ستصوّت في اتجاه لا يعجبكم، تؤجلون الاستشارات تحت تهديد انها ولو لم تؤجل، فالسلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم، ثم تغيّرون الاكثرية تحت تهديد انه لو بقي بعض النواب على رأي ناخبيهم فهذا السلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم. المشكلة هي عندما تشاركون في صياغة اجماع بشأن المحكمة الدولية، على طاولة الحوار الوطني واجماع لحل مشكلة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخل المخيمات، ثم تعطلون تنفيذ قرارات التزمتموها، انتم معنا، تصبح مساءلتكم اعتداء عليكم لان السلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم. المشكلة هي عندما تمنعون مؤتمر المصالحة الشاملة والمسامحة الشاملة بين جميع اللبنانيين عن كل الماضي".
ما من أحد، سواء كان عريقاً في العمل السياسي، أم كان مبتدئاً إلا ويعلم أن الإتفاقات ما بين طرفين اثنين أو أكثر هي تعبير عن ميزان قوى معين في وقت عقد الإتفاق. وهذا الإتفاق يمكن أن يكون بين جماعتين، أو حزبين، أو دولتين...إلخ. إذا كان الحريري لا يعرف هذه الألفباء السياسية، هو وحلفاؤه، يريدون أن يحملوا نتائج جهلهم للآخرين. عند عقد الإتفاق كان يعتقد حزب الله وحلفاؤه أن مصلحة المقاومة تستدعي التحالف مع الحريري وأتباعه، أما الآن فقد تغيرت الظروف، فليسوا بحاجة لهذا التحالف؛ فهل من المصلحة الإصرار عليه؟ بالطبع لا!
حتى النبي صلى الله عليه وسلم عندما رآى عدم جدوى صلح الحديبية الشهير، لم يقبل بتجديده مع مشركي قريش رغم إلحاح أبي سفيان على ذلك. فالعمل السياسي هو هو، سواء في الماضي أو في الحاضر أو في المستقبل. واللبيب هو من يتعلم من تجارب الآخرين: "أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم...".
لا أريد أن أضيف إلا شيئاً واحداً: لو أن حزب الله أراد أن يترجم انتصاره على إسرائيل في 2006 في الداخل اللبناني، لم نكن لنصل إلى أيار 2008 ولا إلى الجدل الحالي، لأن جميع الموازين السياسية كانت اختلفت عما هو قائم الآن.
لبنان إلى أين؟
إذا أراد أطراف 14 آذار، وعلى رأسهم الحريري أن يستقر لبنان، ما عليهم إلا أن يدعموا الرئيس الميقاتي لتشكيل حكومة متوازنة تمكنه من الحكم حتى يحقق مطالب الناس، وأهمها الإنطلاق إلى القضاء على الطائفية السياسية. وما نطلبه من 14 آذار هو نفسه ما نطلبه من الأطراف الأخرى. يكفينا ما اكتوى به الناس من التحريض الطائفي والذي شاركت به أطراف تدعي الحرص على الدين. علماً ان ما من أحد إلا ويعلم أن الطائفية السياسية هي أعدى أعداء الدين. كما وعلى أطراف 14 آذار أن يسحبوا من التداول الحديث عن سلاح المقاومة. فليتقوا الله، وليعلموا أن ممارستهم للسياسة هي بهبة من المقاومة الإسلامية التي حافظت على الكيان اللبناني أمام الهجمة الإسرائيلية الشرسة.
6 آذار 2011 حسن ملاط

ليست هناك تعليقات: