بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الثلاثاء، 22 مارس 2011

البحرين... من يتحمل المسؤولية؟
كشف وزير شؤون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة أن عدد الأجانب في المملكة بلغ 568790 نسمة بفارق 31071 أعلى من المواطنين الذين بلغ عددهم 537719 نسمة ليبلغ إجمالي عدد السكان في المملكة 1.106.509 نسمة. كما وأن ما نسبته حوالي السبعين بالماية يتبعون المذهب الشيعي الإثني عشري. ولكن الملك والأسرة الحاكمة هم من أهل السنة والجماعة.
والبحرين تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 700 كلم مربع، وتبلغ مساحة جزيرة البحرين، أكبر جزرها، أكثر من 500 كلم مربع. وقد كانت الجزيرة مرتبطة بإيران. ولكن استفتاء جرى في 1970 كانت نتيجته أن أغلب السكان اختاروا أن يكونوا دولة مستقلة، مع أن مذهب الألبية في إيران هو المذهب الشيعي.
الأغلبية الشيعية في البحرين تقول بأنها لا تتمثل سياسياً بشكل صحيح. كما وأن الحكم لم يتهم هذه الأكثرية بالكذب. بل إن الحكومة البحرينية هي التي أججت النزعة المذهبية عندما راحت إلى حملة تجنيس للأجانب الذين يتبعون المذاهب السنية بقصد خلق نوع من التوازن من حيث عدد السكان. وقد تنبه البحرينيون الذين يمثلون الأكثرية السكانية إلى ما تقوم به الحكومة البحرينية. لذلك كان التحرك الذي تأثر بالثورة التونسية والثورة المصرية. وقد رفعوا المطالب التالية:
1 - دستور عقدي جديد يكتب أبناء الشعب كل حرف فيه
2 - إنشاء هيئة خاصة مفوضة تفويضاً كاملاً من أبناء الشعب ولها صلاحيات كاملة، هدفها الوصول الى توافق ومصالحة وطنية, عن طريق البت والمحاسبة في التعديات السياسية و الإقتصادية والإجتماعية والأمنية, بما فيها:
- الثروات العامة المنهوبة
- التجنيس السياسي
- الاعتقالات التعسفية و التعذيب و القوانين و المؤسسات الامنية الجازفة
- الفساد الاداري و الاقتصادي.
وقال الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان في ختام التظاهرة: "مشكلتنا سياسية، ونحن في حاجة ماسة إلى إصلاح سياسي بحيث يختار الشعب حكومته ولا تبقى حكومة جاثمة فوق صدور هذا الشعب 40 سنة".
وهو كان بدأ كلمته بالطلب من المتظاهرين ان يتلوا الفاتحة "على أرواح شهداء الثورات العربية في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين". وأضاف ان "مطلبنا هو وطن فيه الأمن للسني والشيعي، والكرامة للسني والشيعي... لن نسعى للتخلص من ديكتاتورية آل خليفة لنقع تحت ديكتاتورية شيعية او ديكتاتورية حزبية". وأضاف: "ابعثوا بالهدية والورود والمحبة الى جيرانكم السنة... قولوا لهم إن سلامتهم أمانة في أعناقكم، وانكم تحمون بيوتهم... لا تستجيبوا لأي رسائل تحضكم على التجمع في شجار او ما شابه". وناشد المتظاهرين: "حافظوا على الطابع السلمي لتحركاتكم... لا تستجيبوا لاي استفزاز، فنحن ارقى من ذلك".
مما تقدم نفهم بأن قادة التحرك كانوا حريصين على أن لا يتمكن الحكم القائم من استغلال تحركات الشعب لتحريك الحزازات الطائفية.
ولكن الحكومة لم تتمكن حتى من بدء الحوار مع المعارضة. وأمام وقوف كل من الطرفين عند مطالبه، حيث أن المعارضة لم تقبل البدء بالحوار مع ولي العهد إلا بعد استقالة الحكومة، وولي العهد لم يلب هذا المطلب، فدخلت القوات السعودية وغيرها من قوات درع الجزيرة لمساندة الحكومة البحرينية. وكان تطور الأوضاع بالشكل العنيف الذي أدى إلى إنهاء الإعتصام في دوار اللؤلؤة وهدم هذا الدوار. وكان سقوط عدد من الشهداء من بين المعتصمين وعشرات من المفقودين. ولم تتنازل المعارضة عن مطالبها رغم القمع الذي استمر.
ما كانت مواقف الأطراف المعنية بهذا التحرك، نعني الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن أسطولها الخامس وقيادته توجد في البحرين. وإيران المعنية مباشرة بالوضع الإيراني، لوجود أكثرية شيعية في البحرين ولإرتباط البحرينيين بالإيرانيين تاريخياً.
اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، أن دول الخليج سلكت «المسار الخاطئ» بتدخل قواتها العسكرية في البحرين أما الرئيس باراك اوباما فاتصل بالملكين السعودي عبد الله والبحريني حمد بن عيسى آل خليفة، ليؤكد على «الصداقة» معرباً عن «قلقه» وداعياً إلى «ضبط النفس»، فيما حذرت ايران من أن الحملة على المحتجين البحرينيين تهدد الاستقرار الإقليمي، مجددة موقفها الرافض لهذه الحملة واعتبارها أنه «يتعذر إصلاحها». وفيما أبدت المرجعية الشيعية العليا في النجف آية الله السيد علي السيستاني «قلقه الشديد» حيال أحداث البحرين، دعت كل من بريطانيا وفرنسا إلى إنهاء العنف وبدء الحوار.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مقابلة تلفزيونية إن البحرين وحلفاءها الخليجيين الذين أرسلوا قوات لمساعدتها في إخماد احتجاجات مناهضة للحكومة «يتبعون مساراً خاطئاً». وأضافت في مقابلة مع شبكة «سي بي إس»: «نرى ما يحدث في البحرين مثيراً للقلق. نعتقد أنه لا توجد إجابة أمنية على تطلعات ومطالب المحتجين». ودعت البحرين للتفاوض من أجل حل سياسي مع المحتجين.
وتابعت كلينتون في المقابلة بالقول إنه «كما أوضحنا بشكل تام لشركائنا في الخليج الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الذين أرسل أربعة منهم قوات لدعم الحكومة البحرينية، إنهم يتبعون مساراً خاطئاً.» وعارضت الولايات المتحدة «القوة المفرطة والعنف» اللذين استخدما ضد المحتجين في البحرين وقالت إنها أوصلت مخاوفها مباشرة للحكومة البحرينية.
وأضافت وزارة الخارجية الأميركية في رسالة على موقع «تويتر»: «نعارض القوة المفرطة والعنف ضد المحتجين. وأثرنا مخاوفنا مباشرة اليوم مع البحرين». وقالت وزارة الخارجية في رسالة أخرى نشرت في الأصل باللغة العربية «إن الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أن الحل للأزمة في البحرين هو الإصلاح السياسي الحقيقي لا الإجراءات الأمنية الصارمة التي تهدد بإشعال الموقف». وأضافت أنه «على الرغم من الشائعات المناقضة لذلك ظلت الولايات المتحدة تدعم بوضوح في السر والعلن العملية السياسية السلمية التي تفي بآمال وتطلعات الشعب البحريني".

أما عن الموقف الإيراني فقد ندد الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد بـ«الغزو العسكري للبحرين» وقال إن «على الإدارة الأميركية أن تدرك أن هذه المجازر ستبقى وصمة عار لا تمحى على جبين أميركا». وأفادت وكالة «مهر» للأنباء بأن نجاد صرح للمراسلين في ختام اجتماع مجلس الوزراء قائلاً إنه «قبل شهر وجهت كلامي إلى بعض زعماء المنطقة الذين لديهم سلوك غير مبرر». وأضاف «اليوم نشاهد في البحرين تشكيل جبهة في مواجهة جماهير الشعب وهذا عمل قبيح جداً». وخاطب حكام البحرين قائلاً «ألا تريدون أن تحكموا؟ عندما تمارسون الضغط على غالبية الشعب، فعلى من تريدون أن تحكموا؟"
وأشار نجاد إلى أن «مثل هذه الممارسات ستلحق ضرراً بالغاً لا يمكن تعويضه»، مضيفاً «على أساس التجارب، فإن هذه التصرفات لن تؤدي الى أية نتيجة ويجب تنفيذ مطالب الشعب البحريني». وأكد «أن التصدي للشعب بالأسلحة على مختلف أنواعها لن يسفر عن أية نتيجة»، مضيفاً «أذكر بعض الذين أدخلوا قوات عسكرية إلى البحرين، في فترة ماضية كان البعض في المنطقة قد شن غزواً على بلد جار، حيث ينبغي أخذ العبرة من مصير (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين». وتابع قائلاً «أن اميركا سلحت صدام بمختلف أنواع الأسلحة ولكن هم أنفسهم وقفوا أمام صدام للمحافظة على مصالحهم».

أما رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان فقد حذر ، قبيل سفره إلى موسكو أمس الأول، من أن «الأوضاع في البحرين تتقدم باتجاه حصول كربلاء جديدة".
وقال أردوغان، رداً على أسئلة الصحافيين حول ما يحصل في البحرين، «لا نريد أن نعيش كربلاءات جديدة. لكن التطورات في البحرين تتقدم في هذا الإتجاه. ولأننا لا نريد أن نشهد مثل هذا التطور فستتواصل لقاءاتنا مع كل الأطراف». وأضاف «نتمنى ألا يخلف دخول الجنود السعوديين تطورات سلبية. وليحل هذا الوضع بطريقة سلمية".
أما الموقف السوري فقد جاء على لسان وزير الخارجية السيد وليد المعلم، والذي اعتبر فيه دخول قوات درع الجزيرة شرعياً.
نحن من جهتنا نعتقد أن الموقف السعودي من أحداث البحرين يتناقض مع الموقف الأمريكي الذي يتماهى مع الموقف الإيراني. فالأمريكي والإيراني لا يريدان أن يتصادما في منطقة حساسة وحيوية بالنسبة لهما، نعني منطقة الخليج. أما السعودي فهو يعتبر أن أي صعود سياسي للشيعة في البحرين سوف ينعكس آلياً على الشيعة في المنطقة الشرقية المتاخمة للبحرين، مما يؤدي بالتالي إلى تحركات شعبية في المنطقة التي تعتبر أكثريتها من المسلمين الشيعة. لذلك كان التدخل السعودي الذي يعتبر أن قمع شيعة البحرين سوف ينعكس إيجابيا على شيعة المنطقة الشرقية، بمعنى قمعهم قبل أن يتحركوا. فقد وزع الملك أكثر من 93 مليار دولاراً لإجهاض أي تحرك في المملكة السعودية. ولكن انتصاراً للتحركات البحرينية، أي حصول شيعة البحرين على حقوقهم السياسية لا بد من أن يترك انعكاساته على السعودية.
من هنا حساسية الموقف السعودي الذي لا يعني الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك نشأ التناقض بين الموقفين السعودي والأمريكي من حيث التدخل العسكري السعودي لقمع انتفاضة أهل البحرين المحقة.
إذا كان تحرك الشعب البحريني سوف يؤجج الشعور المذهبي في دول الخليج أو الدول العربية، فهل على أهل البحرين تحمل الذل والهوان حتى لا تتأجج هذه المشاعر؟
نحن نعتقد أن إعطاء التحركات البحرينية الطابع المذهبي تقع مسؤليته
أولاً: على حكام البحرين الذين بادروا إلى تجنيس الأجانب والعرب الذين يتبعون المذهب السني لخلق نوع من التوازن على الصعيد الشعبي. وهذا كان العامل الأول الذي أيقظ الشيعة البحرينيين على خطورة ما يقوم به حكم آل خليفة.
ثانياً: إن الفتاوى التي صدرت من الفقهاء التابعين للسلاطين، مثال القرضاوي على سبيل المثال، الذي أفتى أن التحركات في البحرين هي تحركات مذهبية، ونحن لا نشك بأنها ليست كذلك. يؤسفنا في هذا المقام أن تكون هذه السقطة للدكتور القرضاوي.
ثالثاً: إن عدم تلبية المطالب المحقة للشعب البحريني وترك الأمور تتطور إلى الوصول إلى القمع الدموي لا تتحمل مسؤوليته إلا الحكومة البحرينية.
إن التصدي للإصطفاف المذهبي تقع مسؤوليته على الذين لا يتعاملون مع شعوبهم التعامل الذي يحتم عليهم احترام هذه الشعوب. فاللازمة الذي يرددها حكام منطقتنا أن الشعوب غير مؤهلة للديموقراطية مردودة على هؤلاء الحكام. فإن كانوا هم غير مؤهلين فليس عليهم اتهام شعوبهم بمرضهم، أعني عجزهم عن الديموقراطية والتمتع بالحرية التي تحدث عنها سيدنا عمر بن الخطاب منذ 1400 سنة، عندما صرخ: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.
22 آذار 2011 حسن ملاط

ليست هناك تعليقات: