بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الثلاثاء، 15 مارس 2011

تنازلات عباس: بئر بلا قعر!
لخص نتنياهو، رئيس وزراء العدو الصهيوني ماهية كيانه بجملتين تختصران كيفية التوجه العربي للتعامل مع هذا الكيان. هذا لمن يريد أن يعقل. قال نتنياهو: " اننا مستعدون لكل الاحتمالات لأننا نعرف ان أساس وجودنا وقدرتنا على إقناع جيراننا بالعيش بسلام معنا، قائم على الجيش الاسرائيلي". وشدد أن الجيش الإسرائيلي يشكل "الضمانة الحقيقية لمستقبلنا... مضيفاً: "إننا أقوياء لأن جيشنا قوي". فالأساس الذي يقوم عليه الكيان هو الجيش، فعندما يتمكن العرب أو المسلمون أو الفلسطينيون من شل قدرات هذا الجيش نكون كمن يضع نقطة النهاية لهذا الكيان الغاصب. من هنا لا يبدو الكلام الذي قاله الأمين العام لحزب الله مستبعداً، عندما تحدث عن تحرير الجليل في حال تجرأت إسرائيل وشنت عدواناً جديداً على الأراضي اللبنانية. حيث أن التماسك في "المجتمع" الإسرائيلي قائم بسبب وجود جيش فاعل. وهذا يستتبع بالتالي أن شل قدرات هذا الجيش يؤدي حتماً إلى تفكك هذا المجتمع وبالتالي يرتاح الفلسطينيون من إغتصاب الصهيوني لأرضهم.
من المؤكد أن من بإمكانه القيام بهذه المهمة لن يكون عباس- فياض وزبانيتهما. فهذان المسؤولان إنما وُجدا لتسهيل عملية الإستيلاء على ما تبقى من أرض فلسطين من قبل الصهاينة. ولن يرف لهما جفن من هذه العملية. إن الألفاظ التي استخدمها عباس عندما تحدث عن العملية الأخيرة في مستعمرة إيتامار لا يُحسن استخدامها إلا من أشرب في قلبه الصهيونية. قال عباس: إن العملية "لا إنسانية وحقيرة". أما الإستيطان فهو إنساني وشريف. كيف لرئيس السلطة "الوطنية" الفلسطينية التحدث عن عملية في أراض محتلة من دون التعريج أو الإشارة أن هؤلاء قد قُتلوا في أرض محتلة؟ نعم إنه يضفي الشرعية على احتلال هذه المستعمرات عندما لا يشير إلى أن هذه العملية قد تمت في أرض محتلة سواء الذي قام بها عربي أم تايلاندي. وهذا التايلندي أشرف بكثير من الكثير من رموز السلطة عندما لم يتحمل ظلم هذا المستعمر له.
ليس هذا فحسب، بل على عباس أن يستنكر العملية سواء أراد أم لم يرد. فالصهاينة وكذلك الإدارة الأمريكية أجبرته على الإعلان عن استنكاره لهذه العملية ظناً منه أن فلسطينياً قام بهذه العملية. هذا لا ينفي أنه كان مستعداً للإعلان عن استنكاره نظراً لإنسانيته المرهفة، خاصة إذا تعلق الأمر بأحد المستعمرين الصهاينة.
أما عن العملية فقد قالت إسرائيل أن الذين قتلوا "قضوا في منزلهم بمستوطنة إيتامار. ووصفت منفذي الجريمة بأنهم جبناء، قتلوا عائلة بريئة في جنح الظلام". أما بنيامين نتنياهو فقد صرح بأن "إسرائيل لن تمر مرور الكرام على الاعتداء الارهابي"، متوعداً بـ"معاقبة مرتكبيه". وأضاف ان "إسرائيل ستعمل بحزم من أجل الحفاظ على حياة مواطنيها". وطالب السلطة الفلسطينية ورئيسها بـ"تقديم المساعدة لإسرائيل من أجل إلقاء القبض على القتلة". وأكد في كلمة الى الأمة، أن "الإرهاب لن يملي خريطة" الإستيطان اليهودي في الضفة."
أما أنهم ماتوا في منزلهم فهذا ليس صحيحاً لأن المنزل لا يقع في أرض يملكونها، إنما في أرض مغتصبة من أصحابها. أما وأن العائلة بريئة فهي ليست كذلك لأنها تسكن في منزل مغتصب من أصحابه الحقيقيين. من هنا ليس على عباس لا أن يستنكر ولا أن يساعد الإسرائيليين في القبض على الفاعلين لأنه بهذا العمل يكون كمن يعطي شرعية لما تقوم به القوات الإسرائيلية. أما ما يُظهر مدى احتقار نتنياهو لعباس وسلطته فهو تأكيده أنه سيستمر بالإستيطان، ضارباً بالحائط عباس وكرامته.
أما واشنطن فقد وصفته بأنه "عمل إرهابي" داعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إدانته "بشكل لا يقبل اللبس واحالة مرتكبيه على المحاكمة". علماً كما قلنا سابقاً أنه وقع في مستوطنة وواشنطن تدعي أنها ضد الإستيطان. ولكن هل على واشنطن أن تغار على الأرض الفلسطينية أكثر من رئيس السلطة؟

وكذلك ندد وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ بالهجوم في مستوطنة إيتامار، واصفاً إياه بأنه "عملية بشعة تنطوي على القساوة التي لا تُصدَّق". خُدش حياءه من العملية ولكن تسليم فلسطين لليهود لم يخدش حياءه. هذا هو المجتمع الدولي الذي يعتمد عليه عباس وفياض لإعادة الأرض الفلسطينية لأصحابها الفلسطينيين.
جميع ما تقدم هو إلى البكاء أقرب منه إلى التحليل السياسي. إن تصريح نتنياهو بما يتعلق بالكيان والجيش الصهيونيين يرتدي أهمية مفصلية. فهو ينطق بالحقيقة المجردة التي تدفع القوى الحية الفلسطينية إلى العمل من أجل:
1 – إعادة إحياء منظمة التحرير بحيث تعبر عن القوى الحية الفلسطينية التي تريد أن تحرر فلسطين من الصهيونية ليس بالإعتماد على من أعطى فلسطين للصهاينة (أمريكا وبريطانيا) إنما بالإعتماد على مقاومة الشعب الفلسطيني.
2 – إعادة الإعتبار إلى المقاومة المسلحة على أنها أحد الأشكال الأساسية للنضال الجماهيري.
3 – إعادة النقاش حول الجدوى من وجود السلطة "الوطنية" الفلسطينية.
4 – إعادة إحياء مخيمات اللاجئين من حيث أنها المصدر الرئيسي للمقاومين.
5 – إطلاق ورشة حوارية كبرى حول الأشكال النضالية التي يجب ممارستها. ورشة تكون بين مختلف فئات الشعب الفلسطيني من مثقفين وعمال ومهنيين... حتى تشعر هذه الفئات أنها جميعها معنية بالتخطيط للإنتصار على عدو الأمة....إلخ
المقاومة والمقاومة فقط وبجميع أشكالها هي التي ستحرر الأرض. المقاومة التي تعمل على تفكيك المجتمع الصهيوني وذلك بالتركيز على شل قدرات الجيش الصهيوني الحامي الوحيد للحمة في المجتمع الصهيوني. إنها مهمة تعني جميع فئات الشعب الفلسطيني أولاً والأمة العربية أيضاً والإسلامية.

15 آذار 2011 حسن ملاط

ليست هناك تعليقات: