بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الاثنين، 28 مارس 2011

سوريا ورياح التغيير
عندما تحدث الرئيس السوري بشار الأسد عن الثورات التي تحصل في عالمنا العربي، لم يتوقع أحداثاً في سوريا عازياً السبب لتأييده للمقاومات ومنها المقاومة الفلسطينية واللبنانية. لم يكن الرئيس مخطئاً في توقعاته. فالمظاهرات التي اندلعت في أنحاء مختلفة من سوريا لم ترفع شعار إسقاط النظام، كما أنها لم توجه أي كلام بحق الرئيس بشار الأسد، إنما ركزت على من تعتبرهم رموز الفساد. كما أنها رفعت شعارات ذات طابع سياسي، مثال رفع قانون الطوارىء.
ماذا حدث في سوريا؟ نحن لا نؤرخ للأحداث، إنما نقرأها. فما حدث في سوريا هو تحركات (ليس جميعها، فما حدث في اللاذقية لا يدخل ضمن هذا التوصيف)، ذات طابع سياسي ومطلبي تم التعامل معها بشكل أمني. وهذا ما جعل تطور الأحداث يتم بالشكل الدراماتيكي الذي لم يكن يريده لا الذين تظاهروا ولا المسؤولين السياسيين. دليلنا على ذلك هو الإفراج عن جميع الذين اعتقلوا نتيجة الأحداث في درعا. ونعتقد أن الأحداث خرجت عن النطاق الذي نظن أنه قد حُدد لها. فقد تطورت بشكل أكثر دراماتيكية مما سمح ليد السوء أن تتدخل فيها. وهذا ما حصل في اللاذقية، حيث حاولت يد الشر أن تحرف المطالب ذات الطابع السياسي والمطلبي باتجاه إجرامي يريد أن تتفجر فتنة طائفية لا تبقي ولا تذر. وقد تم التعامل مع ما حصل في اللاذقية بالشكل المطلوب، حيث أن الناس هم الذين طالبوا بتدخل الجيش للقضاء على الفتنة في مهدها.
إن الإستجابة السريعة لتحقيق المطالب كان إيجابياً، مع أننا كنا نميل إلى إقرار ما تم إقراره منذ إعلان الرئيس بشار الأسد عن نيته القيام بإصلاحات. إن ما يحصل في الدول العربية هو خطير بقدر ما يبشر بالخير لشعوب منطقتنا. إن التدخل الغربي في ليبيا بغطاء عربي هو مؤامرة على الشعب الليبي أولاً وعلى الثورة المصرية ثانياً وعلى الثورة التونسية ثالثاً. إن ما أدلى به ساركوزي فرنسا بالنسبة لسوريا خطير. فقد كان التهديد مباشراً. نحن لا نخاف على سوريا من تهديداته. فهو سيقاتل حتى آخر جندي أمريكي، عل الشعب الفرنسي يعيد انتخابه لولاية جديدة. ولكن الخطورة في الأمر هو إدمان الدول الإستعمارية على التدخل في كل صغيرة وكبيرة في بلادنا. كلينتون كانت أوعى من ساركوزي عندما استبعدت أي تدخل في سوريا. ولكن الأوعى من الجميع كانت القيادة السورية التي سارعت إلى التفاهم مع شعبها وجددت العقد ما بينها وبين الشعب السوري الطيب.
اما الموقف التركي فكان موقفاً صادقاً يبين أن الشراكة التي بدأت ما بين الأتراك والسوريين كانت شراكة صادقة ويُخطط على أن تكون مديدة.
أما في لبنان، فنحن نعتقد أن الإستقرار في سوريا هو مطلب لبناني بقدر ما هو مطلب سوري. فما يصيب سوريا يصيب لبنان آلياً. من هنا كانت بعض الأطراف اللبنانية ساذجة عندما اعتقدت أن التطور الإيجابي في سوريا، من حيث الحريات الديموقراطية، سوف يقرب سوريا من الغرب. لم تعلم أنه بقدر ما يكون الإنسان حراً بقدر ما يلتزم بقضايا شعبه وأمته. إن من عليه أن يتفاءل في لبنان هم الأطراف الملتزمة بالمقاومة اللبنانية والفلسطينية وليس الأطراف المتحالفة مع الغرب. من هنا نرى أن عودة الإستقرار إلى سوريا سوف تكون انعكاساته إيجابية جداً على لبنان. وبقدر ما تتسرع الإصلاحات بقدر ما يتماهى الوضع اللبناني مع الوضع السوري من حيث الإلتزام بقضايا الأمة والشعوب.
صحيح أن ما حصل في سوريا قد أثار أعصاب كل الحريصين على مصالح الشعوب، ولكن لا يمكن للأحداث أن تظل على وتيرة واحدة باستمرار. فالحياة هي حركة وتجدد. وأملنا أن تسير الأمور بالإتجاه الإيجابي الذي يبعد سوريا عن المؤامرات والتي بدت واضحة من خلال الفتاوى المذهبية والتي صدرت من بعض وعاظ السلاطين والتي بدأت في البحرين وعرجت على سوريا ولا نعلم أين ستنتهي.
28 آذار 2011 حسن ملاط

ليست هناك تعليقات: