بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الثلاثاء، 23 مايو 2023

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

تحديث

ألأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
حسن ملاط


"
وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا". قرآن كريم

تبدو الكتابة بمواضيع غير سياسية وكأنها خارج السياق. فالأحداث التي تتوالى تغري بالكتابة السياسية، ولكن يبدو لي على الأقل أننا لا نزال بعيدين نسبيا عن صناعة الأحداث وتوجيهها بالشكل الذي يخدم مصالح الأمة والوطن. وهذا عائد لأسباب عديدة منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي .وسواء كان هذا أم ذاك فنحن بحاجة الى وقفة تأملية بالمهام المطروحة على شعبنا، وكذلك بالأساليب المتبعة أو التي يجب أن تتبع ازاء التفاعل مع الأحداث أو الانفعال بها أو امكانية فعل الحدث. وهذا ما نصبو اليه.

إن تقييم أي فعل أو الحكم عليه بالايجابية أو بالسلبية يستدعي وجود معيار يمكننا من أن نقيس الفعل أو تقييمه تبعا له. وعندما يضيع هذا المعيار يصبح بامكان أي كان أن يجعل من المعروف منكرا ومن المنكر معروفا.

استنادا إلى ما تقدم يمكننا أن نطرح السؤال التالي: ما الذي مكن الولايات المتحدة الأمريكية ومن يدور في فلكها من تدمير جميع المقاييس الخيرة الموجودة عند شعبنا والتي تطال حتى عقائده الايمانية؟

يقول تبارك وتعالى في كتابه الكريم: "ولتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا...". ألا نجد الآن من يدعو الى استعداء الأخوة فيما بينهم لصالح الصداقة مع أعداء أمتنا من اليهود والأمريكان. أليس في هذا جرأة من هؤلاء على الله وكتابه؟ ألم تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ومن يدور في فلكهما من تحويل المنكر المحدد من رب العالمين الى معروفا؟

أليست مصادقة مغتصبي أرض فلسطين وجولان الشام وبعض المرتفعات الجنوبية في لبنان والمياه أيضا، أليس هذا منكر يجب تغييره؟ ما نراه، والعياذ بالله، إصراراً من البعض على التأكيد على ضرورة مصالحة العدو المغتصب وبأعذار واهية، منها الضعف ومنها تعب شعبنا وغيرها من الأعذار. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات". ويقول تبارك وتعالى: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين". ألم ينتصر لبنان في جميع معاركه مع اسرائيل؟ فالضعف اذن هو في نفوس الداعين الى مصالحة العدو. أو أن وراء الأكمة ما وراءها! انهم يلبسون الحق بالباطل . ألا ساء ما يفعلون.

أما الدعوة إلى الاقتتال الداخلي والتي يقوم بها هؤلاء أنفسهم، أليس هذا دعوة للمنكر؟ السلم الأهلي والحياة المشتركة الهانئة بين مختلف فئات الشعب اللبناني، هذا مما يرضي الله ورسوله. فالله تبارك وتعالى هو الذي يحض الناس على الدعوة الى الكلمة السواء التي لا يستعبد بعضنا بعضا وحيث يكون العداء والبغض والكراهية لأعداء هذه الأمة وشياطينها من الأمريكان والصهاينة. وهذا التوجه واجب، فيه طاعة لله ولرسوله. يقول تبارك وتعالى: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا". ان ربنا يريدنا أن نكون ايجابيين في عدائنا لأعدائنا. علينا أن نعد العدة الضرورية لمجابهتهم حتى تكون المبادرة دائما في أيدي المؤمنين.

أما الأعداء فقد حددهم لنا ربنا عز وجل . اذن لسنا بحاجة لأمريكا أو من يسير حسب ارادتها لتحديد أعدائنا أو أصدقائنا. لأننا عندما نقبل بتحديد الأمريكان نكون قد قبلنا بملء ارادتنا بتحويل المنكر الى معروف والعياذ بالله. يقول تبارك وتعالى: "المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم. نسوا الله فنسيهم. ان المنافقين هم الفاسقون". إن تدبرنا لهذه الآية الكريمة يجعلنا ننظر بعين الأسى إلى هؤلاء الذين تنكروا لأبسط قواعد الايمان بالله تبارك وتعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن النكر وتؤمنون بالله". ننظر بعين الأسى لأن هؤلاء كانوا بالأمس القريب من المتحمسين لقضايا أمتهم، يدافعون عنها ويضحون بالغالي والنفيس من أجل نصرة قضاياها. ولكن الله ابتلاهم بزعماء وقادة زينوا لهم المعصية وجعلوهم لا ينكرون المنكر حتى أصبح البعض منهم يدعو إليه. هذا مع العلم أن نبينا صلوات الله وسلامه عليه يقول :"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، فان لم يستطع فبقلبه..." ان هذا الاصرار من النبي الكريم على تغيير المنكر انما يعبر وبشكل واضح جدا أنه صلى الله عليه وسلم لا يقر التعايش بين المنكر والمعروف فكيف بتحويل المنكر الى معروف؟ الايمان لا يقبل بالمنكر لذلك يقول النبي: "لا يزني الزاني وهو مؤمن".

إن ما يقوم به بعض من يسمى قادة الرأي في بلدنا من تزيين للمعصية لجماهير شعبنا الطيب، إنما هو نوع من النفاق الذي يؤدي بهؤلاء إلى اكتساب الصفة التي أعطاها الله عز وجل لأمثالهم أي "الفسوق" والعياذ بالله. ومن المفيد أن ننبه بأن حلول العقاب على هؤلاء لا يعفي من اتبعهم من العقاب أيضا.

وأخيرا لا بد من التنبه الى أن جل عمل المؤمن انما هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر: فإسرائيل منكر والتبعية لأمريكا منكر والدعوة إلى الفتنة الطائفية منكر والعمل من أجل الاقتتال المذهبي منكر والتعصب للمذهب منكر: هذه المنكرات علينا تغييرها طاعة لله وفي سبيله.

وقانا الله من جميع المنكرات وأعاننا على تغييرها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

حسن ملاط


آذار 2007

مرسلة بواسطة فكر وتربية في 12:18 م  

 

ليست هناك تعليقات: