الأربعاء، 1 أكتوبر 2008
الاتفاق
الفلسطيني
أبو أيمن
بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، كتبنا
تعليقا حول هذا الفوز، وقلنا يومها أن الشعب الفلسطيني بانتخابه لحماس إنما كان
يؤيد خيار المقاومة. حيث أن الفصيل الوحيد المؤيد لاستمرار المقاومة الذي شارك في
الانتخابات هو حماس. فمنظمة الجهاد الاسلامي عزفت عن المشاركة. (وليت أن حماس قد
فعلت الشيء نفسه). وهكذا كان فوز حماس الذي فاجأ الجميع، بداية لطريق لا يعرف
قادته كيفية التعامل معه. وقد أثبتت الأحداث صحة هذا الكلام.
وقلنا يومها أنه اذا كانت حماس جادة في شعاراتها من حيث
الاستمرار في المقاومة وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني وعدم التفاوض معه، فما
عليها الا أن تعزف عن تشكيل الحكومة الفلسطيسنية وتترك أمر السلطة لأهلها الذين
تفاوضوا مع العدو وعقدوا الاتفاقات معه. وما عليها إلا أن تراقب عمل السلطة وتصححه
حيث يمكنها ذلك وترفضه حيث يجب رفضه. وتصلب علاقتها مع شعبها وجمهورها حتى تتمكن
من قيادة الشعب في صراعه الطويل مع العدو الصهيوني ودحره وإقامة الدولة الفلسطينية
على كامل تراب الوطن.
وقلنا يومها أنه اذا كانت حماس مصرة على المشاركة في الحكم،
حيث أنه لم يخطر في بالنا أنها ستتفرد بالحكم، فما عليها الا أن تبتعد عن كل الوزارات
ذات الطابع السياسي حتى لا تضطر للتخلي عن شعاراتها بعدم التعامل مع الكيان
الغاصب. أما الوزارات الخدماتية فلا تضطر الوزراء "الحماسيين" الى
الحديث السياسي مع نظرائهم الصهاينة اذ أن الاسرائيليين كمحتلين عليهم واجب القيام
بهذه الخدمات حسب شرعة الأمم المتحدة. وهذا النمط من التعامل ليس له أي طابع سياسي.
وقلنا يومها أنه اذا لم يرغبوا القبول بهذا الطرح، فيمكن رفع
شعار حق المواطنة كشعار سياسي فيه هجوم سلمي على دولة الكيان الغاصب (كما قال
الدكتور الداعية فتحي يكن في مقابلة صحافية تعليقا على فوز حماس والخيارات التي
تملكها). أي أن لكل مواطن فلسطيني حق الحصول على الاقامة في فلسطين أي عودة جميع
الفلسطينيين الى أرضهم وعندها، فليختاروا النظام الذي يريدون. المهم أن يعودوا، لا
أن يتركوا ذلك الجدار الذي يقطع أوصال أرضهم وعوائلهم.
ولكن ما حصل هو أن حماس قد شكلت الحكومة التي رفضها المجتمع
الدولي المؤيد للكيان الصهيوني العنصري الغاصب. وقد مُنعت عن الفلسطينيين جميع
أنواع المساعدات، بخطوة غير مسبوقة في التاريخ الحديث. شعب بكامله يعرض للتجويع
لأنه اختار ممثليه في السلطة، اختيار تم على النحو الذي تريده الادارة الأمريكية.
ولكن الخطأ الذي وقع فيه هذا الشعب أنه لم يختر من تريده أمريكا وإسرائيل. وقد صمد
هذا الشعب مع حكومته وقدم الكثير من التضحيات حتى يصون حكومته من الانزلاق إلى
الخضوع لمشيئة الصهاينة والأمريكان. ولكن حيث أن اللعبة الداخلية الفلسطينية كان
يلعبها من هم مارسوها سنوات عدة أدت في النهاية الى تحويل المعركة من صراع ضد
الصهاينة الى صراع داخلي لم تكن حماس لتربح فيه لأنه يتناقض مع كل الشعارات التي
أسست لوجودها في الساحة الفلسطينية من خلالها.
وهكذا بدا أنه لا جدوى من الاستمرار في هذه الدوامة التي لن
تؤدي الا الى التقاتل الداخلي خدمة للعدو الصهيوني حتى وإن كان عن غير قصد من أحد.
لماذا الصمود إذن؟ لتستمر حماس في السلطة؟ وما الفائدة التي يجنيها الشعب
الفلسطيني من استمرارها في السلطة؟ أسئلة عديدة لا جواب لها، لأنه لا ضرورة
للتفتيش عن اجابة لها.
وتراجع التناقض مع العدو الصهيوني لصالح الصراع الداخلي ما
بين فتح وحماس. صراع من أجل سلطة محكومة في حدها الأدنى والأعلى من الكيان
الصهيوني أي من العدو.
وحصد الصراع العشرات من الضحايا، من الشهداء، من الأطفال
والمقاتلين المجاهدين. والجميع يعلم أن هذا الصراع محكوم بضرورة الاتفاق. فلماذا
الاستمرار في هذه اللعبة الشيطانية؟
المهم أن القتال سوف يتوقف. وعلى كل طرف من أطراف القتال أن
يعيد تقويم التجربة التي خاضها في التقاتل الداخلي، والمعني بهذا الكلام في الدرجة
الأولى حماس. فالاتفاق بينها وبين فتح ينص على أن الوزارات التي ستتسلمها حماس
ليست وزارات ذات طابع سيادي (أين السيادة؟!)، أي أنها وزارات خدماتية. عشرات
الضحايا من أجل العودة الى هذا الخيار؟
وأخيرا لا بد لفتح وحماس على السواء أن يطلبوا الصفح من شعبهم
لأنهما أدخلوه في متاهة لا مصلحة له فيها. لقد كانت التضحيات التي قدمها من أجل
الوصول الى تقاسم للسلطة. وأي سلطة؟!
إن إكسير العمل السياسي هو النقد والنقد الذاتي. أللهم اذا
كنا نريد مصلحة شعبنا وقضيته ومصلحة الأمة جمعاء.
حسن ملاط
العرب والعولمة آذار - مارس 2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق