الجمعة، 11 ديسمبر 2009
"المقاومة"
تقليد من تقاليد شعبنا
حسن ملاط
لقد تمكن جيش العدو الاسرائيلي من أن يحظى بلقب "الجيش
الذي لا يقهر" من خلال تجاربه مع الجيوش النظامية العربية. فهو قد انتصر على
جميع هذه الجيوش في جميع معاركه. ولكن هذا الجيش "الجبار" قد انهزم في
جميع معاركه مع المقاومة. فقد انهزم في لبنان في 2000 وهرب أمام المقاومين وسحب
قواته من معظم الأراضي اللبنانية من غير قيد أو شرط. وفي معركة تموز وآب 2006 حيث
حارب ليسترد "كرامته" كأعتى قوة في الشرق الأوسط، فكان نصيبه شر هزيمة
مرة أخرى. وراح إلى غزة عله يستعيد شيئاً من ماء الوجه، فكان أن علمته غزة
المحاصرة درساً لن ينساه.
لقد تبين لنا من خلال دراستنا أن شعبنا قد تمرس على المقاومة
الشعبية عبر التاريخ. ففي كتاب "الموسوعة الشاملة للحروب الصليبية"
للأستاذ سهيل زكار، في الجزء الأول نقرأ ما يلي: "لقد قدم أبو عمرو في كتابه
سير الثغور وصفاً رائعاً مفصلاً للحياة العسكرية في الثغور وكان أروع وصف ذاك الذي
تناول به هذه الحياة في مدينة طرسوس، كبرى مدن الثغور وأبعدها شهرة: لقد كان غلمان
طرسوس يدفعون قبل بلوغهم الحلم إلى بعض الشيوخ الأساتذة الثقات من أهل المدينة،
فيقوم هؤلاء بتصنيف الغلمان إلى فئات ثم يأخذون في تدريبهم على الشؤون العسكرية،
ويستمر ذلك حتى يبلغ هؤلاء الغلمان سن الرجولة حيث يلتحق آنذاك كل فتى منهم بسرية
من سرايا الجهاد والدفاع عن الثغر". نحن نترك شأن تربية أولادنا إما
للتلفزيون أو للألعاب الكومبيوترية التي تعلم أطفالنا قيم العولمة الليبيرالية
التي تجعل من أولادنا مستهلكين غير منتجين وفاعلين.
ثم يضيف الأستاذ زكار قائلاً: "إنه لمن المتصور والحالة
السياسية كما وصفت من حيث الاضطراب، وتجارب العواصم العسكرية كما بينت، أن قام
أهالي كل مدينة وبلدة في الشام بتشكيل منظمات عسكرية شعبية لأغراض الدفاع. ثم إن
الاضطراب السياسي مع التبدل السريع في الدول التي شهدته المنطقة لا بد وقد جعل بعض
العسكريين الذين فقدوا مناصبهم مع قيام كل دولة جديدة يلتحقون بمثل هذه المنظمات.
وهكذا أعاروها خبراتهم وساعدوا على تطويرها وزيادة صبغتها العسكرية، إلى أن غدت
نوعاً من "الميليشيا الشعبية"،...".
وقد كان اسم هذه المنظمة في دمشق "منظمة الأحداث".
ثم يضيف الآستاذ زكار أن نشاط هذه المنظمة قد بدا ناشطاً في القرنين الرابع
والخامس للهجرة أي العاشر والحادي عشر للميلاد. وكان نشاط هذه المنظمات رئيسياُ في
مدينتي دمشق وحلب. ويقول الأستاذ زكار أن الفاطميين اصطدموا مع منظمة الأحداث
عندما حاولوا الاستيلاء على جنوبي بلاد الشام "ولم يتمكنوا من دمشق إلا بعض
القضاء بشكل مبرم على غالبية أفراد منظمة الأحداث. ورغم ذلك فقد بقي للأحداث قوتهم
في شمالي بلاد الشام وخاصة في حلب. وعندما قدم السلاجقة إلى الشام وألحقوه
بإمبراطوريتهم... قاموا بتصفية منظمة الأحداث". وهذا ما مكن الصليبيين من
الاستيلاء على بلاد الشام.
ثم يصف لنا الأستاذ زكار كيف دافعت دمشق عن نفسها عندما انهزم
حكامها ولم يقبل أهل دمشق بهذه الهزيمة. "ونظم الدمشقيون أمور الدفاع عن
مدينتهم بأن أغلقوا أبوابها، وأوقفوا الرماة على شرفات الأسوار. وأقاموا الحواجز
داخل المدينة، وكسروا قني الماء، وحفروا الخنادق. وقد اشترك الرجال والنساء
والصبية في الاعداد للدفاع عن دمشق. وكاد أهالي دمشق من صد قوات الفاطميين عندما
هاجمت مدينتهم لولا أن جماعة من التجار والأشراف قامت فشكلت وفداً قام بالتوسط لدى
جعفر بن فلاح, وأخذ يبث التخاذل بين المدافعين (وهذا دأب هذه الطبقة "ح.م.)
مما سبب وقف المقاومة".
ولكن منظمة الأحداث عادت للتشكل من جديد ولم تسمح لأي غاز
بالدخول إلى المدينة إلا بشروط كانت تفرضها.
ثم يضيف الأستاذ زكار: "ويبدو أن مدن الشام الأخرى قد
وجدت فيها هذه الفترة تنظيمات مشابهة للأحداث لها قوتها.... ففي صور تزعم الأحداث
رجل اسمه العلاقة الملاح. وثار هذا الملاح أيضاً بالفاطميين وطردهم من صور..."
ثم يختم الأستاذ زكار قائلاً: "إن القضاء على الأحداث
وإزالتهم من مدن الشام قد حرم هذه المدن من هيئة إجتماعية كان – ربما لو كتب لها
الحياة والاستمرار – وضع المجتمع والمدينة في الشام مخالف لما عليه الآن بشكل كبير".
المقاومة في بلادنا هو تقليد شعبي تاريخي ولو أن الفاطميين لم
يتمكنوا من القضاء على هذه المقاومات بمؤامرات دنيئة لما تمكن الصليبيون من الفتك
في بلادنا.
ومن المخزي ما سمعناه من المناقشات في البرلمان اللبناني من
بعض النواب الذين يريدون أن تتخلى المقاومة عن سلاحها. المقاومة التي لولاها لما
كان لا برلمان ولا مناقشات. وقد مر معنا من الذي تآمر على المقاومة في دمشق وأكثر
من مرة. فلا عجب مما رأيناه في البرلمان اللبناني. ألا يقول المثل "أن ملة
الكفر واحدة".
الشواهد من الصفحات 79 حتى 85 .
مرسلة
بواسطة فكر وتربية في 7:08 ص
التسميات: فكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق