بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الثلاثاء، 23 مايو 2023

الشيخ خلدون عريمط و"حزب الله"

 

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

تعليق

تحديث
حسن ملاط

في عدد "النهار" 22954 الصادر يوم الجمعة في 23- 3- 2007، وفي زاوية "قضايا النهار" كتب الشيخ خلدون عريمط حفظه الله مقالة تناول فيها حزب الله. وحيث أن المقالة موجهة لجميع القراء لذلك يحق لنا التعليق عليها.
آن لنا أن نفرح، فقد أصبحنا لا نكتب رأيا الا بعد أن نقوم بالاحصاءات التي تثبت صحة رأينا. لذا فالاحصاءات تقول "بأنه لم يخطر ببال أحد من اللبنانيين والعرب وحتى المسلمين، أن الحركة السياسية التي ولدت من "حركة أمل"... يمكن أن تتحول بفعل الجاذبية الإيرانية الوافدة إلى لبنان وسورية... إلى حركة سياسية وعسكرية عقائدية مقاومة جديدة تسمى "حزب الله"..." (الكلام بين المزدوجين هو لفضيلة الشيخ). بقي أن نستعلم عن شيئين اثنين. الأول هو إن كان استفتاء الرأي قد أُجري على عينة من اللبنانيين والعرب وحتى المسلمين أم أنه قد وجه السؤال الى جميع اللبنانيين والعرب والمسلمين. والثاني هو أين "حزب الله" السوري المقاوم والثوري؟ فهل توقفت الجاذبية الايرانية على الحدود السورية؟ ولم يكن لها الحظ باجتياز هذه الحدود؟
ثم يضيف فضيلة الشيخ أن قادة "حزب الله" الذين عدد أسماءهم، أنهم "فتية حلموا بثورة معقدة ومستحيلة في مجتمع مركب، تنطلق من لبنان ومن جنوبه ومن بقاعه، لتواجه الهيمنة والتسلط الصهيو-أمريكي من ناحية، وتتواصل وتتكامل مع الثورة الأم في قم وطهران، الحالمة هي الأخرى بالتمدد نحو بلاد الرافدين وجزيرة العرب لتصدر ثورتها ..."
أما الدلالة الأولى على عدم استحالة هذه الثورة الحالمة هي أن "حزب الله" قد أصبح حقيقة واقعة في نسيج المجتمع اللبناني. والدلالة الثانية على واقعية الحلم الثوري ل"حزب الله" أنه قد تمكن من طرد المحتل الاسرائيلي من معظم أراضي الجنوب اللبناني وبقاعه سنة 2000. لقد فر هذا العدو من أمام ضربات المجاهدين ومن أمام حجارة أطفال الجنوب الذين كانوا يرمونه بها. أما الدلالة الثالثة على عدم الاستحالة هو انتصار الحزب المدوي في تموز وآب الماضيين على العدو الإسرائيلي. هذا الانتصار الذي لم يعرف المجتمع الاسرائيلي في تاريخه هذا القدر من الانعكاسات السلبية التي طالت بنيته الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية. والمتتبع لأخبار هذا الكيان يعرف حق المعرفة أن قادته لم يتمكنوا حتى الآن من معرفة كيفية تجاوز هذه الأزمة. فهذا شيمون بيريز يصرح بأن خوف الدول على الكيان من أن ينهار هو الذي دفعهم الى مساندته، أبان الحرب الأخيرة على لبنان.
فطوبى لهذه الثورة المستحيلة، من وجهة نظر شيخنا العزيز، التي تمكنت من تسجيل انتصارين كبيرين على أعتى قوة عسكرية في الشرق الأوسط في أقل من عقد واحد من الزمن.
ما يريده شيخنا العزيز من عرضه هذا هو ما لم يصرح به كما يجب. فهو يريد تنبيهنا نحن اللبنانيين أولا والعرب ثانيا من الخطر الايراني الكبير الزاحف على بلادنا العربية ومن رأس حربته في جميع البلاد "أحزاب الله" سواء الكامنة منها أو الظاهرة. يقول الشيخ حفظه الله تعالى: "وأين موقع "حزب الله" من العرب كأمة بعقائدها المتنوعة، وبأكثريتها الحالمة بوحدة عربية، اقتصادية وسياسية تجمع شملها من المحيط المستكين، الى الخليج المستريح والقابض على جمر عروبته وعقيدته السمحة المحاصرة من الجموح الايراني الآتي من الشرق ومن الوحش الأمريكي الآتي من وراء البحار...". فهناك حسب الشيخ خطران على الأمة العربية الحالمة أحدهما الايراني والآخر الأمريكي. ولكن ما فات الشيخ أن يقوله أن الحالمين في الخليج هم الذين يستدعون الوحش الأمريكي لحمايتهم من جهة وتأمين نهبه لخيرات أمتنا من جهة ثانية. كما وأنهم ينقادون لما يمليه عليهم من حيث وجود خطر ايراني يتهددهم. وإلا فما هو المبرر الأخلاقي لاحتلاله بلادنا ونهب ثرواتنا؟
المحزن حقا وما يفتت القلوب هو انصياعنا، من غير وعي، لما يمليه علينا عدونا وربيب أعدائنا. لماذا لا يتذكر الشيخ الجليل ما كانت عليه إيران الشاه وما هي عليه ايران الثورة الاسلامية؟ والشيخ يعرف حق المعرفة الاجابة على السؤال. ان اشعال النار الطائفية والمذهبية التي يقوم بها الأمريكي حتى يفل قوة جميع الشعوب الاسلامية ليتمكن من تأمين مصالحه ومصالح أعدائنا من الصهاينة، إنما هي المظهر الحقيقي لما سوف تكون عليه مجتماعتنا اذا لم نبادر للقتال من أجل طرد هذا العدو من بلادنا.
أما أن نسلم بالخطر الايراني كرمى لعين أمريكا وإسرائيل ومن غير أي دليل حسي على ذلك، فهذا غير مقبول. وأما إذا بحثنا بما هو واقع فعليا، فنحن نرى بأن ايران تساعد جميع الحركات الجهادية التي تقاتل العدو الصهيوني. أما لماذا هي تساعد هذه الحركات فليس شأننا. ولكن يقينا أن ما تقوم به ايران لا يؤثر سلبا على أي من الدول لا العربية منها ولا الاسلامية. فالخطر الجاثم علينا هو الخطر الأمريكي والخطر الاسرائيلي. ولنتذكر جيدا أنه عندما حوصرت حكومة "حماس" من العدو الصهيوني وجميع حلفائه حتى الأعراب منهم رأينا ايران تتبرع بماية مليون دولار لهذه الحكومة. وكلنا يعلم بأن ايران لا تقوم بعملية نهب منظم لخيرات بلادنا كما تفعل أمريكا. فلماذا علينا معاداتها؟ فقط من أجل التسعير المذهبي، لأن أمريكا تريد ذلك؟
ثم على حزب الله أن يعطينا أجوبة على أسئلة بريئة تدور جميعها حول ارتباط الحزب بايران. وهذه الأسئلة البريئة موظفة حتى يصل شيخنا، صاحب الأسئلة البريئة، إلى القول بأن حزب الله مرتبط بايران عقائديا. والحزب لا ينكر ذلك لا براءة ولا من غير براءة. أما لماذا لا يوجه فضيلة الشيخ هذه الأسئلة البريئة للمرتبطين بأمريكا. فلا يوضح ذلك. فلربما يرى أنه في هذا العصر السيء لا بد من الارتهان لأمريكا.
أليس من صالح العرب والمسلمين و"حزب الله" جمع أكبر عدد من الأصدقاء والحلفاء حتى نتمكن من الانتصار على العدو. أم علينا أن نطرد الحلفاء حتى نصبح مكشوفين أمام العدو؟
أما حتى يصبح السؤال بريئا ولا يمكن توظيفه في جوقة التحريض المذهبي (المطلوب أمريكيا وإسرائيليا) كان على الشيخ العزيز أن يطلب من النائب سعد الحريري أن لا يصرح ليل نهار بأن أمريكا صديقتنا: أمريكا التي منعت اسرائيل من وقف قصف أطفال لبنان بآلاف الأطنان من القنابل الذكية المستوردة من أمريكا الصديقة خصيصا لاخضاعنا وقتل أطفالنا ونسائنا وشيوخنا. أما السيد رئيس وزرائنا الأستاذ السنيورة فقد كان يحتضن السيدة رايس في الوقت الذي كانت فيه هذه العدوة المميزة لشعبنا تمنع علانية مجلس الأمن من اتخاذ قرار بوقف النار، علّ العدو يتمكن من انقاذ ماء وجهه أمام ضربات المقاومة التي انتصرت نصرا الهيا مؤزرا بفضل الله الواحد القهار. نقول حتى تصبح أسئلة الشيخ بريئة براءة الأطفال ما عليه الا أن يطلب جهارا نهارا من هؤلاء أن يطردوا أعداء الشعب اللبناني وأخصهم بالذكر الادارة الأمريكية.
يقول تبارك وتعالى: "ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا". أمريكا وإسرائيل أعداؤنا ليس علينا مغازلتهم بل علينا مجابهتهم. وإيران صديقة بالرغم من أنها على مذهب التشيع، لذلك علينا مصادقتها حتى نتمكن من الانتصار على أعدائنا. والبراءة وخلافها لا يكون بالكلام المرصوف انما يكون بالمضمون الواضح، وبالمرسلة المنوي تبليغها الى القارئ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

حسن ملاط
العرب والعولمة - العدد 37

 

ليست هناك تعليقات: